
مسلمون حول العالم ـ خاص ـ هاني صلاح
في أقصى شمال غرب الولايات المتحدة، وتحديدًا في مدينة أنكوراج، عاصمة ولاية ألاسكا، يسطع جامع “أبو بكر الصديق” كأول وأبرز مسجد في هذه الولاية النائية، مجسدًا روح الصمود والتلاحم التي تميز الجالية المسلمة هناك. وفقًا للفيديو.
الوحيد من نوعه في ولاية ألاسكا
يُعد هذا المسجد الوحيد من نوعه في ولاية ألاسكا، وقد بُني على مراحل بدأت عام 2008، بجهود أهلية وتبرعات من داخل وخارج الولاية. وعلى مدار سنوات من العمل المضني والتحديات المناخية والاقتصادية، تم الانتهاء من بنائه كاملًا عام 2022 ليكون مركزًا روحيًا وثقافيًا للجالية الإسلامية.
فرغم الليل الطويل الذي يُظلّل الشتاء، وبرودة الطقس الشديدة التي تميّز هذه الأرض المتجمدة، يسطع هذا المسجد كمنارة إيمانية تُضيء عتمة الشمال، وتبثّ في القلوب دفء الطمأنينة وروح الجماعة، مؤكّدًا أن وهج الإيمان قادر على تدفئة الأرواح، حتى في أقصى الجغرافيا وأقسى الظروف.
يتميّز المسجد بتصميمه الأبيض النقي ومآذنه الشامخة، وقد روعي في بنائه مقاومة الزلازل وعزل الحرارة لمواجهة الشتاء القارس، كما ضمّ تجهيزات تبرع بها مسلمون من ولايات أميركية مختلفة.
3 ألاف مسلم
يقدّر عدد المسلمين في أنكوراج بنحو 3,000 شخص، ينتمون إلى خلفيات متنوعة ويجمعهم حب الدين والعمل الجماعي. ويلعب المسجد دورًا محوريًا في جمع الكلمة وتنظيم الأنشطة الدعوية والتعليمية، مثل مدرسة الأحد التي تقدم دروسًا تطوعية في اللغة العربية والقرآن الكريم والدين للأطفال من سن الخامسة حتى المرحلة الثانوية.
التحديات الفلكية.. ومرونة الفتوى
من أبرز التحديات التي تواجه المسلمين في ألاسكا هو اختلاف طول الليل والنهار بين الصيف والشتاء؛ ففي بعض الفصول تغيب الظلمة تمامًا أو لا يظهر الفجر بوضوح. ولهذا، وبعد استشارة العلماء، قررت إدارة المسجد اعتماد توقيت مكة المكرمة للصلاة في المواسم الحرجة، مع ترك الباب مفتوحًا لاجتهاد الأفراد ضمن روح التعدد والاحترام.
دورًا حضاريًا فاعلًا
يمارس المسجد دورًا حضاريًا فاعلًا في الحوار بين الأديان، إذ يرحب بالزوار من الكنائس والجامعات وحتى من القواعد العسكرية الأميركية، لتقديم صورة صحيحة عن الإسلام، وتعزيز قيم التعايش والاحترام المتبادل.
حياة فريدة وفرص متنوعة
الحياة في ألاسكا فريدة بطبيعتها؛ فهي تتطلب حبًا للطبيعة والنشاطات الخارجية. وتزدهر فيها وظائف موسمية في مجالات مثل الصيد والبناء، إلى جانب الحاجة إلى تخصصات أكاديمية نادرة في المنطقة.
جسر من النور والمعرفة
رسالة المسجد تتجاوز الجدران؛ إنها دعوة للتواصل، ونموذج ملهم لمسلمي العالم حول القدرة على بناء المؤسسات الإسلامية حتى في أقصى بقاع الأرض. وكما يعبّر أحد أبناء الجالية: “وجودنا هنا ليس مجرد بقاء، بل إسهام في بناء جسر من النور والمعرفة في أرض بعيدة.”
ـ شكر وتقدير للدكتور مجدي سعيد، الكاتب والصحفي لتفضله بإرسال رابط الفيديو الخاص بالمسجد مما ساعدنا في كتابة تقرير صحفي عنه.