
مسلمون حول العالم ـ خاص ـ هاني صلاح
انطلقت الأربعاء في العاصمة الروسية موسكو أعمال المؤتمر العلمي والتربوي الديني العاشر “قراءات موسى بيغييف”، الذي عُقد تحت شعار: “موسى بيغييف: حياته، إرثه، بحثه”، وذلك تزامنًا مع الذكرى الـ150 لميلاد المفكر والعالم التتاري موسى بيغييف (1875–1949)، والذكرى العاشرة لإعادة افتتاح مجمع المسجد الجامع الكبير بموسكو.
مشاركة عالمية
استقطب المؤتمر حضورًا بارزًا شمل رؤساء منظمات إسلامية دولية، وممثلين عن الجامعات والمعاهد والمراكز العلمية، إلى جانب نخبة من الأكاديميين والمستشرقين، وعلماء الدين من داخل روسيا وخارجها، إضافة إلى ممثلين عن الديانات العالمية والتقليدية.
افتتاح ورسائل
افتُتحت الجلسات بتلاوة آيات من القرآن الكريم بصوت المفتي كامل سميع الدين، رئيس الإدارة الدينية لمسلمي جمهورية تتارستان.
وفي كلمته الترحيبية، أكد المفتي العام لروسيا ورئيس الإدارة الدينية لمسلمي روسيا، الشيخ راويل عين الدين، أن تميز موسى بيغييف يكمن في كونه جمع بين التعليم الإسلامي التقليدي والفلسفة المدرسية الوسطى، واستطاع تجاوز الأطر الفكرية الضيقة لعصره، مركزًا على القضايا الإنسانية الشاملة ومتجاوزًا الانقسامات الطائفية.
رؤية رسمية لأهمية الإرث العلمي
من جانبه، شدد أندريه فورسينكو، مساعد الرئيس الروسي، في كلمة ألقاها بالنيابة عنه البروفسور ضمير محي الدينوف، النائب الأول لرئيس الإدارة الدينية لمسلمي روسيا، على أن تطوير التعليم الديني للأطفال والشباب والاهتمام بالبحوث الدينية يمثلان أولوية ملحّة، مؤكدًا أن أعمال موسى بيغييف تمثل إضافة رائدة للفكر الإسلامي العالمي. وأوضح أن مثل هذه المؤتمرات تسهم في تعزيز التعاون الدولي وصون التراث العلمي وتوسيعه.
كلمة المجلس العالمي للمجتمعات المسلمة
وفي الجلسة الرئيسية، ألقى الدكتور محمد البشاري، الأمين العام للمجلس العالمي للمجتمعات المسلمة، كلمةً نقل فيها تحيات الدكتور علي راشد النعيمي، رئيس المجلس، وتمنياته بنجاح المؤتمر.
وأكد البشاري أن الاجتماع في موسكو لا يقتصر على تخليد ذكرى عالم بارز، بل يحيي معاني الإصلاح والتجديد التي جسدها موسى بيغييف، مشيرًا إلى أنه عاش زمنًا مضطربًا لكنه صمد وحمل مشروع الإصلاح عبر أكثر من ستين مؤلفًا ومئات المقالات، جاعلًا من العلم جسرًا بين النص والواقع، ومن الفكر وسيلة لبناء الإنسان والمجتمع.
وأضاف أن فكر بيغييف يوضح أن النص الشرعي مرتبط بواقع الناس، وأن الاجتهاد لا يقتصر على تكرار الأقوال بل يستحضر المقاصد، معتبرًا أن هذا المنهج الإصلاحي القائم على الأصالة والانفتاح هو ما تحتاجه الأمة في عالم سريع التحولات.
كما شدد على أن إحياء فكر بيغييف يتطلب شراكة بين الدولة الوطنية الحديثة والمؤسسات العلمية لضمان التنوع وحماية الحقوق والحريات، داعيًا إلى تحويل سيرته إلى مشاريع بحثية وأكاديمية تشمل تحقيق مؤلفاته، وإدماج فكره في المناهج، وتأسيس وحدات بحثية مشتركة بين الجامعات الروسية والعربية لصياغة خطاب معاصر يعالج قضايا المواطنة والاندماج والعيش المشترك.
خلاصة المؤتمر
أكدت مداخلات المشاركين أن فكر موسى بيغييف يمثل مدرسة إصلاحية متجددة تتجاوز حدود الزمان والمكان، وتشكل رافدًا أساسيًا للحوار بين الثقافات والأديان، ولصياغة مستقبل قائم على التعددية والتعاون العلمي والديني.