ولعب شعب البولغار الذي كانت له دولة قوية في حوض نهر الفولغا في الفترة بين القرنين العاشر والثالث عشر، دورا مهما في تاريخ العلاقات بين روسيا والعالم الإسلامي.
وقد صار الإسلام دينًا رسميًا للدولة في إمارة البولغار في العام 922م، عندما وصلت الى بلاط الخان بعثة من الخليفة العباسي المقتدر، وهذا بطلب من خان البولغار نفسه.. فما هى قصة هذا الحدث التاريخي؟
مسلمون حول العالم ـ متابعات ـ روسيا اليوم
تعود الاتصالات الأولى بين العالم الإسلامي والشعوب التي انضمت فيما بعد إلى الدولة الروسية، الى القرنين السابع والثامن الميلاديين.
وفي منتصف القرن السابع وصلت الفتوحات الإسلامية الى شمال القوقاز وآسيا الوسطى. وبحلول مطلع القرن الثامن تمكن العرب من فرض سيطرتهم على جنوب القوقاز وما وراء النهر وخوارزم وفرغانة. وكان من بين نتائج الفتوحات إنشاء فضاء سياسي-اجتماعي موحد وانتشار واسع للدين الإسلامي فيه.
ولم يتوقف انتشار الإسلام بعد تفكك الخلافة كنظام حكم موحد في القرن التاسع، وهذا بفضل تعزيز العلاقات التجارية بين الشرقين الأدنى والأوسط ومناطق وسط أوراسيا بما فيها روسيا القديمة. ويبدو أن أوائل المسلمين الذين عرفهم الروس، كانوا من سكان بلاد الخزر، حيث كان الإسلام منتشرا بالإضافة إلى اليهودية والمسيحية.
كيف اعتنق بولغار الفولغا الإسلام؟
ولعب شعب البولغار الذي كانت له دولة قوية في حوض نهر الفولغا في الفترة بين القرنين العاشر والثالث عشر، دورا مهما في تاريخ العلاقات بين روسيا والعالم الإسلامي.
وصار الإسلام دينا رسميا للدولة في امارة البولغار في العام 922، عندما وصلت الى بلاط الخان بعثة من الخليفة المقتدر وهذا بطلب من خان البولغار نفسه.
وكان من بين أعضاء البعثة أحمد ابن فضلان الذي ترك لنا كتابه المعروف بـ”رحلة ابن فضلان” والذي وصف فيه البلدان التي عبرتها البعثة في طريقها إلى بلاد البولغار والشعوب التي رآها. وحسب “رحلة ابن فضلان”، كان اسم ملك البولغار ألمش بن يلطوار الذي توجه الى الخليفة بطلب ان يرسل اليه من “يفقه في شؤون الدين لكي يعرفه بشرائع الإسلام ويبني له مسجدا وينصب له منبرا ليقيم عليه الدعوة له في بلده وجميع مملكته”.
قصة حاكم روسيا الأمير فلاديمير
على الرغم من الخلافات والحروب التي كانت تندلع بين روسيا ومملكة البولغار، تشير أسفار التاريخ الروسية القديمة الى أن حاكم روسيا الأمير فلاديمير (تولى الحكم في عام 960 وظل على العرش حتى وفاته في عام 1015)، عندما قرر اعتناق إحدى الديانات السماوية، طلب من البولغار إرسال رجال دين يوضحون له مبادئ الدين الإسلامي، هذا بجانب المبشرين اليهود والمسيحيين الكاثوليك والارثوذكس.
وعلى الرغم من أن فلاديمير اختار، في نهاية المطاف، المسيحية الأرثوذكسية، إلا أن من الواضح أنه فكر جديا في إمكانية جعل الإسلام دين الدولة في روسيا. وحسب “أخبار الأعوام الغابرة” أحد أشهر أسفار التاريخ الروسية، جاء الى فلاديمير في عام 986 من بلاد البولغار أتباع العقيدة الاسلامية وحدثوه عن دينهم.
وقد أعجب فلاديمير بالحديث عن الدنيا والآخرة والجنة، لكنه لم يكن راضيا أبدا عن تحريم أكل لحم الخنزير وبالاخص تحريم شرب الخمر، وقال الأمير، رافضا الدين الإسلامي: “راحتنا في خمرنا”.
وحسب بعض المؤرخين المسلمين، فإن الأمير فلاديمير بعث بوفد الى خوارزم لجمع المعلومات عن حياة المسلمين، ويضيف المؤرخون أن أربعة من أعضاء الوفد أسلموا.
ـ جزء من مقال مطول حول الإسلام والمسلمين في روسيا عبر القرون (طالع المصدر).