شهدت الهند في عهدهم استقرارًا ونهضة ثقافية وعلمية وحضارية كبيرة.
مسلمون حول العالم ـ متابعات
ثلاث قرون ذهبية من تاريخ الإسلام والمسلمين في الهند، شهدت استقرار وحضارة ورخاء.. وذلك في عهد الدولة المغولية المسلمة في شمال الهند.. فماذا تعرف عن مؤسسها الفذ العبقري؟
بقلم/ الدكتور أمين القاسم ـ الباحث في تاريخ المنطقة
السلطان “ظهير الدين محمد”، المعروف ب”ظهير الدين بابُر شاه” (1483- 1530م)، هو مؤسس ما يُعرف بسلطنة المغول الهندية، أو ما يعرف بسلالة مغول الهند التيمورية المسلمة، والتي حكمت أسرته شبه القارة الهندية حوالي 300 سنة، وزال ملكها عام 1857م مع خلع البريطانيين آخر سلاطينها محمد بهادر شاه (1775- 1862م).
النسب المغولي والتركي
ولد “ظهير الدين بابُر شاه” في “أنديجان”، بجمهورية أوزبكستان اليوم، وكلمة “بابر” تعني بالفارسية النمر، وينتهي نسبه إلى السلطان تيمورلنك (المتوفى 1405م)، وينتسب من جهة والدته –حسب بعض الباحثين- إلى جنكيز خان (المتوفى 1227م)، لذا فهو قد جمع بين النسبين التُركي والمغولي.
ظهير الدين بابر هو وريث والده عمر شيخ ميرزا (1469- 1493م) على حكم وادي فرغانة، حيث تولى بابر حكمها وهو في الثانية عشر من عمره. لكنه لاحقا وبسبب الصراع مع أمير بخارى نزح إلى كابول ثم استولى على بلاد السند والبنجاب ليواصل مسيره إلى شمال الهند ثم يستولي على دهلي، ليتخد مدينة أكرا عاصمة له، ويؤسس دولة مسلمة مزدهرة استمرت لثلاثة قرون.
شخصيته وصفاته
كان السلطان ظهير الدين بابر ذو شخصية عبقرية سياسية وعسكرية وإدارية، كذلك كان مثقفا محبا للعلم والعمارة والفن، وعُرف عنه حسن الخلق، والشجاعة، واتباعه سياسة التسامح مع الأديان المختلفة الموجودة في الهند.
كذلك سعى بابر في اصلاحاته الداخلية تحقيق العدالة لكل فئات المجتمع الهندي وعدم اثارة التمايز الطبقي أو الديني، وحرص على رفع بعض الضرائب وتخفيض البعض الآخر، وتنبيه موظفيه إلى التعامل برفق مع الناس، وبذلك كسب ودّ الهنود له.
ازدهار الفكر والثقافة
كما ازدهرت الحياة الثقافية والفكرية في عهد السلطان ظهير الدين إذ كان أديبا ترك أشعارا كثيرة، إذ يعدّه بعض الباحثين ثاني اثنين في الشعر التركي في زمنه بعد الشاعر علي شير نوائي (1441- 1501م)، وللسلطان ظهير الدين كذلك مذكرات قيّمة تحمل اسم “بابر نامه” أي تاريخ بابر، كتبها باللغة الجغطائية إحدى اللهجات التركية، وقد صلنا منها ترجمتها الفارسية.
“مسجد بابري”
والسلطان ظهير الدين هو صاحب “مسجد بابري” الذي بناه عام 1528م في مدينة أيودهيا شمال الهند، والذي قام المتطرفون الهندوس بهدّمه عام 1992م.
توفي السلطان ظهير الدين في مدينة أكرا، ودفن –حسب وصيته- في كابول، وقبره مازال قائما هناك، وحكم الدولة التيمورية الإسلامية في الهند من بعده أبناؤه وأحفاده، وعُدّت قرون حكمهم العصر الذهبي للمسلمين في الهند. وشهدت الهند في عهدهم استقرارا ونهضة ثقافية وعلمية وحضارية كبيرة.
يعد السلطان ظهير الدين بابر بطلا قوميا في أوزبكستان، وهو موضع تقدير كبير في تاريخ كل من الهند وباكستان وأفغانستان، وعند الأتراك والعرب.
ـ طالع مقالات الدكتور أمين القاسم على مدونة “مسلمون حول العالم”: ( اضغط هنا ).
ـ طالع أيضًا: الطبيب “أمين القاسم” يفتح نافذة إعلامية للتعريف بمسلمي شرق أوروبا
https://www.facebook.com/permalink.php?story_fbid=10219869839129004&id=1611567851