مسلمون حول العالم
نافذتك إلى أخبار الأقليات المسلمة

من وحي زيارتي إلى سراييفو.. رحلة مع ترجمات معاني القرآن الكريم للغة البوسنية..

أهتم مسلمو البوسنة والهرسك ومؤسساتهم بالقرآن الكريم واعتنوا بحفظه والتأليف في علومه وتفسيره ترجمة معانيه.

مسلمون حول العالم ـ متابعات

بقلم/ الدكتور أمين القاسم ـ الباحث في تاريخ المنطقة

من وحي زيارتي إلى سراييفو.. رحلة مع ترجمات معاني القرآن الكريم للغة البوسنية..

تُعد اللغة البوسنوية من اللغات السلافية الجنوبية، وبسبب التفاعل الحضاري مع اللغة العثمانية أصبحت اللغة البوسنوية أغنى من لغتي جاراتيها الكرواتية والصربية.

أول ترجمة.. قس مسيحي

إنّ أول ترجمة لمعاني القرآن الكريم إلى اللغة البوسنوية قام بها قس مسيحي أرثوذكسي اسمه ميتشا ليوبيبراتيتش، وكان زعيم ثورة الصرب في الهرسك ضد النمساويين، وقد عاش في النصف الثاني من القرن التاسع عشر الميلادي، وشجع الصرب ومسلمي البوسنة والهرسك على إنشاء تحالف بينهم ضد الحكومة النمساوية، وحاول تقريب الصرب إلى المسلمين بترجمة القرآن الكريم إلى لغتهم لتعميق لغة الحوار بينهم.

وقد طبعت هذه الترجمة عام 1895م بعد وفاة كاتبها، وجاءت في 479 صفحة، وطبعت مرة ثانية في العام 1990م.

وقد اعتمد المترجم في عمله على ترجمة للقرآن باللغة الفرنسية لكازيميرسكي وهو بولندي الأصل، كذلك استعان المترجم بالترجمات الروسية، واستخدم الحروف الكيريلية التي هي أقرب إلى الصرب، وخلت هذه الترجمة من النص العربي للقرآن الكريم. ونلاحظ وقوع المترجم في أخطاء عقدية ولغوية كثيرة، وقام العلماء البوسنويون بنقد هذه الترجمة.

الترجمة الثانية.. بأيد مسلمة

الترجمة الثانية لمعاني القرآن الكريم قام بها كل من العالمين جمال الدين جاؤشيفيتش (1870- 1938م) رئيس العلماء المسلمين في المملكة اليوغسلافية، والحافظ محمد بانجا (توفي عام 1962م). وقد طبعت في العام 1937م، وهذه الترجمة وجدت صدى كبيرا بين العلماء والشعب البوسنوي، كونها أول ترجمة بأيد مسلمة، وقد اعتمد المترجمان على ترجمات فارسية وتركية وتترية، ولم تخلو هذه الترجمة من بعض الأخطاء.

وقد أُعيد طباعتها عدة مرات، منها عام 1969 في مدينة زغرب بواقع 400 ألف نسخة، وطبعات أخرى في أعوام 1972 و1974م، و1978م و1984م، وخلال حرب البوسنة (1992- 1995م) طبعت ووزعت مجانا أيضا.

الترجمة الثالثة.. مفتي الهرسك

الترجمة الثالثة كانت لمفتي الهرسك الحاج علي رضا قرابك (توفي 1944م)، ظهرت في العام 1937م، كانت ترجمة ضعيفة اعتمد فيها على ترجمة ميتشا، وظهرت فيها أخطاء عديدة.

وفي العهد اليوغسلافي الإشتراكي لم تعترف السلطة بوجود لغة بوسنوية، ولم يسمح باستخدامها، ففي الفترة بين عامي 1945 إلى 1990م لم تسجل إلا ترجمة واحدة جديدة لمعاني القرآن الكريم للغة البوسنوية هي للأستاذ بسيم كوركوت (1904- 1975م)، وهو من خريجي الأزهر عام 1931م.

وقد ظهرت طبعته عام 1977م مع النص العربي للقرآن الكريم، وقد تميزت ترجمة كوركوت عن بقية الترجمات الأخرى في ترجمة بعض الآيات، فجاءت أقرب إلى المعنى القرآني. وقد أثنى علماء البوسنة على هذه الطبعة، وقامت المشيخة الإسلامية في سراييفو بإعادة طباعة هذه الترجمة مرة أخرى عام 1983م، وقد اعتمد في ترجمته على تفسير الكشاف للزمخشري.

عدة ترجمات.. بعد استقلال البوسنة

بعد استقلال البوسنة عن يوغسلافيا عام 1990م ظهرت عدة ترجمات لمعاني القرآن الكريم إلى اللغة البوسنوية.

ترجمة مصطفى مليفو، وهو مهندس من مواليد عام 1955م، طبعت أول مرة عام 1994م، ثم طبعة ثانية في العام 1995م وجاءت في 719 صفحة، واعتمد المترجم على الترجمات الإنكليزية لمعاني القرآن الكريم، وحوى هذا الكتاب على عدة أخطاء في الترجمة والتي تؤثر على العقيدة الإسلامية، كذلك أخطاء في أسلوب اللغة البوسنوية.

ترجمة د. أنس كاريتش (مواليد 1958م) وهو أستاذ في الأكاديمية الإسلامية بسراييفو، وقد ظهرت هذه الترجمة عام 1995م، وقد جاءت ترجمته ناجحة إلى حد كبير.

كما صدرت في سراييفو “القرآن الكريم مع ترجمة معانية إلى اللغة البوسنوية” عام 2004م بقلم د. أسعد دوراكوفيتش رئيس قسم الإستشراق في جامعة سراييفو وعضو مجمع اللغة العربية بدمشق، وقد اعتبرها عدد من المتخصصين أفضل الترجمات للبوسنوية.

هذا وقد أحصى الباحثون البوسنويون عدة ترجمات لم تطبع أبدا، منها ما كتب بالحروف العربية ومنها ما كتب باللاتينية.

تفسيرا كامل للقرآن الكريم

كما ظهر مؤخرا تفسيرا كاملا للقرآن الكريم قام به الشيخ الدكتور صفوت خليلوفيتش (مواليد عام 1968م)، وهو من خريجي الأزهر ويحمل الدكتوراه في التفسير، وقد جاء هذا التفسير في أربعة أجزاء.

لقد أهتم مسلمو البوسنة والهرسك ومؤسساتهم من مدارس ومعاهد ومراكز أبحاث وجامعات بالقرآن الكريم – وما زالوا- واعتنوا بحفظه والتأليف في علومه وتفسيره ترجمة معانيه.

التخطي إلى شريط الأدوات