أجرى الحوار/ هاني صلاح**
أكدت الناشطة الحقوقية السورية هلا عكاري، التي تعيش بأوروبا منذ أكثر من 27 عاماً، أهمية القمة العالمية للاجئين التي انعقدت مؤخراً في جنيف، التي تعد الأولى من نوعها التي ينظمها الناشطون اللاجئون بأنفسهم ويديرون فعالياتها.
هلا عكاري في سطور
ناشطة حقوقية مسلمة سورية تعيش بأوروبا منذ أكثر من 27 عاماً، تقيم حالياً بالسويد منذ حوالي خمس سنوات ونصف سنة، وقبلها عاشت في اليونان لنحو 22 سنة.
درست إدارة الأعمال والعلوم الإنسانية، ونشطت في مجال حقوق المهاجرين وقضايا الاندماج في اليونان وأوروبا، كما نشطت في مجال حقوق المرأة المسلمة في أوروبا.
عملت في التعليم والترجمة ومشاريع الاندماج، كما شاركت في تأسيس عدة مؤسسات اجتماعية وثقافية وتعليمية في اليونان والسويد وأوروبا، ولها نشاط إعلامي ومقابلات في عدة قنوات تلفزيونية وصحفية في وسائل الإعلام الأوروبية والعربية.
قدمت عدة محاضرات وأوراق بحثية تتعلق بالاندماج الاجتماعي والمهني للمهاجرين واللاجئين في مؤسسات وملتقيات أوروبية، وكان من بينها ورقة قدمتها في البرلمان الأوروبي ضمن جلسة استماع في 18 فبراير 2016م.
تعمل حالياً في قسم التوظيف في بلدية مدينة مارياستاد بالسويد وكمديرة مشروع لاندماج طالبي اللجوء في المجتمع وسوق العمل.
شاركتم مؤخراً في ملتقيين دوليين حول اللاجئين في العالم، هل من إطلالة حولهما؟
– لقد اختارني المجلس الأوروبي للاجئين والمبعدين (ECRE) للمشاركة في ملتقيين مهمين في جنيف ضمن مجموعة من الناشطين الآخرين، بهدف الاستفادة والإفادة والتقييم.
والملتقيان هما: القمة العالمية للاجئين، والمؤتمر الاستشاري للمفوضية السامية لشؤون اللاجئين مع المنظمات غير الحكومية في جنيف.
هذا الحدث الدولي، أين تتمثل أهميته بالنسبة للاجئين حول العالم؟
– تتمثل أهمية هذا الحدث في كون هذه القمة العالمية التي انعقدت في جنيف في 25 و26 يونيو 2018م التي اجتمع فيها أكثر من 100 من ممثلين عن جمعيات اللاجئين من جميع أنحاء العالم تهدف إلى تأسيس منظمة عالمية تمثل اللاجئين وتكون قيادتها حصراً من اللاجئين من أهم أهدافها المشاركة في صنع القرار فيما يتعلق بشؤون اللاجئين.
لقد استقطبت هذه القمة اهتمام جمعيات ومؤسسات إقليمية ودولية لدعمها والشراكة معها.
وفي ذلك الاجتماع تناقشنا ضمن جلسات عصف ذهني وورشات عمل لمناقشة عدة مواضيع، منها تحديد الرؤية والهدف من هذه المؤسسة التي نزمع تأسيسها قريباً لتمثيل اللاجئين عالمياً.
ثم المؤتمر الذي تلا هذه القمة كان في هيئة الأمم المتحدة في جنيف، حيث التقت المؤسسات غير الحكومية الشريكة مع المفوضية السامية لشؤون اللاجئين للتشاور وطرح أفكار لمواجهة التحديات الجديدة، هذا الملتقى سنوي تقدم فيه كذلك المفوضية تقاريرها وتنظم ورشات عمل لمناقشة المواضيع المختلفة.
وأنا شخصياً شاركت في الجلسات التي تتحدث عن الاستقلال الاقتصادي للاجئين سواء كانوا أفراداً أو جمعيات، وكل ما يتعلق بالاندماج في سوق العمل كونه مجال تخصصي.
خلال جلساتكم النقاشية مع النشطاء، ما أبرز مخاوفهم وتوجساتهم إزاء ملف اللاجئين حول العالم؟
– لقد أجمع الجميع على أن مشكلات اللاجئين قائمة لأسباب سياسية بالدرجة الأولى، وأن الملفات الإنسانية لا تتم معالجتها بالشكل الصحيح بسبب إعاقة بعض الحكومات لوصول المساعدات الإنسانية للمحتاجين، وطبعاً هناك سوء التنظيم وصعوبة الوصول إلى المناطق المشتعلة، بالإضافة لوجود فساد في بعض المؤسسات التي تعمل مع اللاجئين، وهناك تفاوت كبير في الحالة القانونية للجوء في كل بلد.
لقد حمل هذا اللقاء تنوعاً كبيراً من حيث الجغرافيا والسياسة المعمول بها، بحيث اطلعنا على أوضاع اللاجئين في معظم دول العالم تقريباً، وكما أن هناك دولاً تحترم حقوق الإنسان، فهناك دول أخرى تنتهكها بشكل صارخ، وما بينهما كثير من الدول.
وعندما تقصر الحكومات ينشط المجتمع المدني محاولاً تعويض النقص بالنسبة لما يحتاجه اللاجئون، ابتداءً من إجراءات المساعدات الأولى العاجلة والاستقبال ووصولاً إلى مشاريع الاندماج الاجتماعي وسوق العمل.
ما نعتقد أنه أمر يشكل تقصيراً كذلك هو عدم مشاركة اللاجئين أنفسهم في اتخاذ القرارات التي تتعلق بهم، سواء على المستوى المحلي أو الوطني أو الإقليمي أو العالمي، ولذلك اجتمعنا من أجل تشكيل هيئة عالمية يقودها اللاجئون من أجل اللاجئين، وشعارنا “لا شيء عنا بدوننا”.
ماذا صدر عن النشطاء من توصيات مستقبلية للتعامل الجدي والمناسب مع ملف اللاجئين؟
– يرى النشطاء أهمية الآتي:
أولاً: إنشاء مؤسسة دولية تمثل جميع اللاجئين في العالم، وتضم في صفوفها مؤسسات وجمعيات ومبادرات، ويجلس ممثلوها على طاولات الحوار والمشاورات والتخطيط والتشريع وسن القوانين فيما يتعلق بشؤون اللاجئين، ومن أجل أن نحصل على تمثيل قوي لا بد من العمل على جميع المستويات المحلية والوطنية والدولية في إثبات ذاتنا كعنصر إيجابي يشارك في تحقيق الاستقرار الاجتماعي والأمني والنماء الاقتصادي في الدول التي لجأنا إليها.
ثانياً: لا بد من الاندماج الإيجابي والشعور بالمواطنة في البلاد الجديدة التي لجأنا إليها والمشاركة في حل الإشكالات المهمة في الحياة وليس فقط المتعلقة بقضايا اللاجئين، يجب أن نستخدم قدراتنا وعلمنا وخبراتنا في حل مشكلات المجتمعات التي أصبحنا نعيش فيها، وعلى سبيل المثال لا الحصر، المشكلات التي تتعلق بالتعليم والبطالة ومشكلات المخدرات في المدارس والبيئة وغيرها من الأمور المهمة، بالإضافة إلى محاربة التمييز والعنصرية وما شابه من قضايا يعاني منها اللاجئ والمهاجر والمجموعات المهمشة على حد سواء.
ثالثاً: تحدثنا عن أهمية الاتحادات والشراكات مع مؤسسات المجتمع المدني والمؤسسات الرسمية كذلك كي نصل إلى منابر توصل صوتنا المتزن الهادف إلى تحقيق مصلحة الجميع بطريقة عصرية إبداعية، كما أكدنا أهمية الإعلام وعلى استخدام كل وسائل التواصل الاجتماعي لإيصال رسالتنا.
برأيكم، ما التحديات أو العوائق التي تحُول دون تحقيق هذه الأهداف؟
– أهم العوائق التي تواجه تطلعاتنا هي:
1- قلة التنظيم في مؤسسات اللاجئين وعدم اكتسابها مصداقية لتحصيل شراكات مع المؤسسات الرسمية للمشاركة في صنع القرار، وهذا يعود لعدة أسباب، منها أن كثيراً من اللاجئين وفدوا من دول تحكمها أنظمة دكتاتورية عززت نزعة الأنا وأفسدت على مدى عقود قابلية شعوبها على العمل المؤسسي، وهذا عامل يتلاشى مع الزمن والخبرات والوعي.
2- ومن ضمن الأسباب كذلك هو تكرار المشاريع نفسها الموجهة لدعم اللاجئين وقصر أمدها كونها مشاريع غير مستدامة مدعومة إلى أجل محدد من قبل المؤسسات المانحة، وهنا جاء الاقتراح بوضع خطط بعيدة الأمد وتوظيف المشاريع لخدمتها على مدى مراحل والبدء من حيث انتهى الآخرون وليس البدء كل مرة من البداية كمن يريد اختراع العجلة مراراً وتكراراً تحت مسميات مختلفة في كل مرة.
أنتم تنشطون على المستوى الأوروبي منذ عام 2005م، وفي هذه القمة الدولية تقابلتم مع أكثر من مائة شخصية ناشطة من دول بست قارات، فهل لاحظتم وجود اختلافات في الرؤى والطرح كناشطين أوروبيين ونظرائكم من قارات أخرى؟
– نعم، كان هناك تباين واضح في الأفكار والرؤى بسبب الاختلاف في ظروف العمل المؤسسي والمدني في كل بلد، في البداية لم يكن سهلاً تقريب الأفهام والتوافق فيما يتعلق بالأولويات وفهم وضع اللاجئين في القارات الست؛ فالتباين كان واضحاً جداً على سبيل المثال بين أوروبا وأمريكا اللاتينية، حتى المفاهيم حول مصطلح واحد لم تكن نفسها تماماً، لكن مع العمل معاً على مدى يومين كاملين على صياغة الرؤية والأهداف للمؤسسة الجديدة وطرح حلول لتحديات كثيرة أصبح التفاهم أسهل، وتقاربت وجهات النظر، واستطعنا إلى حد كبير تقدير الوضع لكل مجموعة إقليمية بشكل أفضل.
في الحقيقة، التفكير على مستوى العالم لم يكن واضحاً بهذا الشكل بالنسبة لنا نحن الناشطين أوروبياً، في لقاء القمة شعرنا بالانتماء إلى مجموعة أكبر تحمل هموماً أكبر، ولكن تقابل التحديات بجاهزية أعلى بسبب تراكم الخبرات، الشيء الذي منحنا آفاقاً أوسع للتفكير في التحديات التي نواجهها اليوم كوافدين جدد إلى أوروبا.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
**المجتمع ـ 4يوليو 2018م