“أبرز تحديات ساحة العمل المجتمعي لمسلمات بريطانيا نقص الكوادر وقلتها؛ مما يشكل ضغط كبير على الأخت المسؤولة، والأخطر أن هناك أنشطة تتوقف عند غياب المسئولة عنها؛ لعدم وجود البديل”..
بهذه الكلمات، ألقت الضوء الداعية المسلمة البريطانية لانة الصميدعي، في حوار مع “المجتمع”، على تحدٍّ ما زال مستعصياً في ساحة العمل المجتمعي لمسلمات بريطانيا.
هذا التحدي دفع بالناشطة لانة، وهي فاعلة في عدد من المؤسسات والمراكز الإسلامية في بريطانيا، إلى جعله ضمن توصياتها المستقبلية للناشطات حول العالم، من خلال البحث دوماً عن بدائل، وأن يكون هناك خط احتياط من الأخوات المتطوعات لسد الثغرات في حال الاحتياج.
في بداية حوارنا، نود نبذة تعريفية.
– لانة الصميدعي، داعية وأستاذة القرآن والتفسير وعلوم الدين في عدة مساجد في بريطانيا.
رئيسة جمعية المرأة المسلمة للمستقبل سابقاً (MWS)، عضوة في المجلس الإسلامي البريطاني (MCB)، عضوة في الرابطة الإسلامية في بريطانيا (MAB)، مشاركة في العديد من الأنشطة والمؤتمرات والبرامج.
بكالوريوس شريعة ودراسات إسلامية (قسم العقيدة)، وماجستير في الفكر الإسلامي المعاصر، من سكان السعودية، عراقية الأصل والمولد، بريطانية الجنسية.
بعد انتقالكم لبريطانيا، كيف بدأتم التفكير في المشاركة المجتمعية؟
– كان هذا امتداداً لنشاطي في كل من السعودية والأردن محل إقامتي السابقة، حيث درست بعدة مراكز لتحفيظ القرآن، وكنت فاعلة في عدد من المؤسسات والمنظمات الخيرية؛ فأردت مواصلة نشاطي الدعوي -وهو صلب حياتي- في بريطانيا، ونقل خبرتي السابقة للمؤسسات التي نشطت من خلالها.
وهل من نبذة عن المسؤوليات والأدوار التي قمتم بها؟
– بعد وصولي لبريطانيا في أكتوبر 2003م، بدأ نشاطي الدعوي في إطار العمل التطوعي بالمساجد والمراكز الإسلامية، وكان لترشيح الإخوة والأخوات لاسمي في مؤسسات رسمية بريطانيا مسجلة لأكون ضمن ممثلي مسلمات بريطانيا؛ أن توسعت حجم مشاركتي.
والمجالات والمسؤوليات التي أخذتها وما زلت غالباً تدور حول دور المرأة بشكل خاص، والمسلمين بشكل عام، وهي كالتالي:
1- مسؤولة “قسم الأخوات” في “دار الرعاية الإسلامية” بمدينة شفيلد (Sheffield)، والتابعة لـ”الرابطة الإسلامية في بريطانيا”، وكانت أول مسؤولية توليتها لمدة أربع سنوات بعد وصولي.
2- ثم توليت رئاسة جمعية “المرأة المسلمة للمستقبل”، في عام 2012م، ولمدة أربع سنوات، ثم تقدمت باستقالتي لانشغالي بتحضير الماجستير، وما زلت أقوم بدور الرئيسة بالنيابة لعدم تعيين رئيسة لها حتى اليوم، حيث تقتصر مشاركتي على الأعمال الإدارية والمالية، دون المشاركة في البرامج والأنشطة (التي تخص الجمعية)، وهذا كان في الفترة (٢٠١٥- ٢٠١٧)، مع استمرار أعمالي الأخرى العامة من محاضرات وبرامج تلفزيونية ومناشط مجتمعية.
3- كما أشارك في لقاءات وأنشطة خاصة بـ”المجلس الإسلامي البريطاني”؛ لكوني عضوة في كل من “الرابطة الإسلامية في بريطانيا”، و”جمعية المرأة المسلمة للمستقبل”، اللتين تعملان تحت مظلة هذا المجلس؛ لذا فأنا عضوة به كذلك، وهو من أكبر المؤسسات التي ينضوي تحتها المسلمون في بريطانيا.
4- كما أشرف على حلقات ودروس وبرامج بشكل دوري في المساجد والمراكز الإسلامية، وهي حلقات تبدأ بالجانب الديني داخل المسجد وتنتهي بالمشاركة المجتمعية خارجه؛ فهذه قناعتي الخاصة وهى أن الحلقة المسجدية وإن كان فيها جانب ديني؛ فلا بد أن تكون منطلقاً للتفاعل مع المحيط المجتمعي الذي نعيش فيه بشكل إيجابي.
5- كذلك لاختلاطي بالكثير من الأخوات؛ أقوم بما يتوجب عليَّ كداعية في قضايا الإصلاح الأسري إذا تطلب الأمر.
6- كما حرصت على القيام بدور إعلامي موجه للجمهور العربي والمسلم في بريطانيا، وكان تواصلي تحديداً مع قنوات ناطقة بالعربية في بريطانيا تتطرق لقضايا المسلمين فيها، وكنت ضيفة في برامج حوارية كبرنامج “صحتك لا بأس” على قناة “المغاربية”، وبرنامج “المشهد” على قناة “الحوار”، بينما قدمت بنفسي سبعة حلقات من برنامج “رمضان” على قناة “المغاربية”، وهذا بجانب التواصل الدائم مع وسائل الإعلام الأخرى خلال تغطيتها لأنشطتنا وفعالياتنا المتواصلة والمستمرة.
ما تقييمكم للحجم المشاركة المجتمعية للمرأة المسلمة في المجتمع البريطاني؟
– الحقيقة أن العديد من النساء المسلمات يشاركن في الكثير من المؤسسات المجتمعية والإسلامية في بريطانيا بمختلف جنسياتهن وثقافاتهن، فهناك من تسد ثغرةً في الجانب السياسي وأخريات في الجوانب الأخرى كالثقافية والإنسانية والدينية وغيرها.
وفي حين كان سابقاً يصعب تقلد بعض المناصب والمسؤوليات للمرأة المسلمة خاصة المحجبة؛ نجد اليوم ولله الحمد أن المرأة المسلمة أثبتت نفسها بشكل إيجابي؛ مما أتاح الفرصة لمزيد من مشاركة أخواتنا المسلمات في مختلف النواحي، ولا ننكر وجود التحديات بالرغم من محاولتنا دوماً لتخطي تلك الصعوبات.
وعلى الرغم من أن العدد ولله الحمد في ازدياد؛ لكن ما زال محدوداً، ونعمل على المزيد من الفعاليات والمشاركة والتواجد بشكل إيجابي دوماً.
ما أبرز التحديات التي واجهتكم في دوركم في بريطانيا؟
– أبرز تحديات ساحة العمل المجتمعي لمسلمات بريطانيا نقص الكوادر وقلتها؛ مما يشكل ضغطاً كبيراً على الأخت المسؤولة، والأخطر أن هناك أنشطة تتوقف عند غياب المسؤولة عنها؛ لعدم وجود البديل!
أيضاً من أبرز العقبات هي كوننا أمهات، ومع مسؤوليات التدريس والمتابعة والتي ليست بالأمر السهل؛ فلا يخلو الأمر من صعوبات في ترتيب الأوقات للبرامج، مع الحفاظ على أمومتنا ورعايتنا لأسرتنا بأفضل وأكمل شكل.
أيضاً نواجه دوماً تحدي اللغة حيث إننا نتكلم اللغة الأم العربية بالإضافة إلى اللغة الإنجليزية إلى حد متوسط، ولكن الكثير من الأعمال تستلزم لغة إنجليزية عالية جداً، وإلمام بمصطلحات قد لا تستعمل أبداً إلا في تلك الأنشطة والبرامج.
كذلك من المعوقات الأمور المالية، وعدم توافرها دوماً بالشكل المطلوب، وقلة الإمكانيات، والأماكن المريحة المتاحة.
وماذا عن أهم أولوياتكم في العمل المجتمعي في بريطانيا؟
– أهم الأولويات في أعمالنا، كالتالي:
الأولوية الأولى: الارتقاء بالمرأة المسلمة دينياً وثقافياً ومجتمعياً، فعن طريق الحلقات يتم الارتقاء بالجانب الديني، وعبر الندوات والمؤتمرات يتم الارتقاء بالجانب الثقافي، والجانب المجتمعي يتم الارتقاء به عبر البرامج خاصةً الترفيهية منها حيث تشعر المرأة بأن لها أخوات يعوضن فقدها للأهل والأقارب في غربتها.
الأولوية الثانية: العناية بأولادنا وهم الجيل الثاني، ويتم هذا عبر ورشات تدريبية متخصصة في شؤون التربية عبر التعاون بين مؤسساتها الإسلامية والمؤسسات التربوية المتخصصة في هذا أو من خلال دعوة واستضافة أهل التخصص للحديث عن موضوع التربية الإسلامية في مجتمع غربي.
الأولوية الثالثة: الاهتمام بالمواطنة لكوننا بريطانيين، حتى وإن كانت أصولنا عربية أو إسلامية، بالمواطنة البريطانية تحتم علينا المشاركة المجتمعية لتطوير المجتمع وتغيير المواقف السلبية، وهذه الأولوية من أهم الأشياء التي الأخوات قد لا يستوعبن أهميتها هنا في الغرب.
بناء على خبراتكم العملية السابقة، ما أبرز توصياتكم المستقبلية للناشطات المسلمات في بريطانيا خاصة، وفي أوساط الأقليات المسلمة حول العالم عامة؟
– نصائحي لأخواتي، ثلاث:
1- الصبر والمثابرة ومزيد من الاحتكاك مع المجتمع البريطاني المسلم وغير المسلم لتحقيق ما نصبو إليه من تواجد ومواطنة حقيقية في بريطانيا، فكم من أفكار قيمة وأعمال مهمة توقفت بسبب إحباط ويأس أصحابها من عدم التفاعل معهم أو لاستعجالهم في رؤية ثمار جهودهم.
2- التنسيق الدائم فيما يتعلق بأجندة الأنشطة والفعاليات بين المؤسسات الإسلامية تفادياً لأي تضارب في الأهداف وتواريخ البرامج أو تكرارها.
3- البحث دوماً عن البدائل في ظل قلة الكوادر لدينا، بحيث يكون هناك خط احتياط من الأخوات المتطوعات لسد الثغرات في حال الاحتياج.
4- إبراز الجانب المشرق الجميل في ديننا الإسلامي السمح في جميع نواحي الحياة العملية اليومية.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المجتمع ـ 29 نوفمبر 2017 ـ هاني صلاح