“قلة الدعاة المتفرغين برومانيا دفعنا إلى التركيز على التليفزيون للتعريف بالإسلام، خاصة أنه الوسيلة الأسرع في التواصل مع مختلف شرائح المجتمع”، بهذه العبارة يشير الداعية اليمني المقيم في رومانيا الدكتور أبو العلاء الغيثي إلى أهم وسائل المسلمين الدعوية في الساحة الرومانية، بل الوسيلة الدعوية الأولى، والتي ميزتهم وتفردوا بها عن سائر الدول الأوروبية، خاصة بعد أن نجحوا من خلالها في اجتذاب الكثير من أبناء الشعب الروماني.
وخلال حواره الخاص مع “شبكة إسلام أون لاين.نت”، ذكر الدكتور الغيثي، والذي يعمل مديرا لمؤسسة طيبة الخيرية العالمية في رومانيا، أن المؤسسة تبث فعليا برنامجا تليفزيونيا اسمه (الإسلام اليوم)، يذاع أسبوعيا كل يوم سبت في قناة ddtv الخاصة على الهواء مباشرة، ولمدة ساعتين.
ويضيف: “يقوم البرنامج، الذي بدأ عام 2006 ويتكلف نحو 1400 يورو شهريا، على تعريف المواطن الروماني بالإسلام والرد على استفساراته حوله، كما يستضيف مواطنين رومان من المسلمين وغيرهم، والتواصل مع مشاهدي البرنامج عبر الهاتف”.
ويعتبر تكلفة البرنامج قليلة جدا بالنسبة لما يتكلفه دعاة مسلمون في دول أوروبية أخرى، حيث تصل في بعض تلك الدول إلى 50 ألف يورو للحلقة، بحسب ما ذكره خبير في الشأن الأوروبي ل”إسلام أون لاين”.
ولفت الغيثي إلى أنه كان في السابق وفي نفس القناة برنامج ل”الرابطة الإسلامية والثقافية في رومانيا” لمدة ساعة يتحدث فيه عن الإسلام؛ إلا أن هذا البرنامج لم يستمر، وحاليا نغطي في مؤسسة طيبة هذا المجال الدعوي في الإعلام المرئي الروماني.
شعب منفتح
وأرجع الغيثي سهولة تواصلهم مع الإعلام الروماني المرئي إلى ثلاثة أسباب: أولها “التسامح لدى الشعب الروماني والحكومي تجاه الإسلام”، وثانيها: “تنافس القنوات على الحديث عن الإسلام”، بينما السبب الثالث والأخير: هو “حاجة القناة إلى المال من الناحية التجارية”، في إشارة منه إلى برنامجهم الأسبوعي الذي يتحملون تكاليفه المالية والتي تعد مناسبة مقارنة بتكاليف البرامج في دول أوروبية أخرى.
أما الموضوعات التي تهتم هذه البرامج بمخاطبة الجمهور الروماني بشأنها فيقول الغيثي: “نوضح روائع المبادئ الإسلامية، واحترامه للعقل والنفس والنسل والمال، إضافة إلى الموضوعات الخاصة بالمرأة والتطرف والتعايش مع الآخر، كما نتطرق بموضوعية وشجاعة لقضايانا العربية الإسلامية كقضية فلسطين”.
برامج حوارية
وإضافة إلى برنامج “الإسلام اليوم” ذكر الدكتور الغيثي الملقب بأبي العلاء: “شاركنا أيضا بحلقة شهرية في برنامج آخر اسمه الميريديان الذي يذاع كل سبت في قناة N24 (الخاصة)، ويعتبر من أقوى البرامج في القنوات التليفزيونية، ويحظى بجماهيرية واسعة، خاصة الطبقة المثقفة، واستمر ذلك لمدة أكثر من سنة”.
واستدرك قائلا: “لكن بعد أن تكلمنا في إحدى الحلقات بكل جرأة وموضوعية عن الحرب على غزة، وهي الحلقة التي جذبت 5 ملايين مشاهد بحسب التقرير الإحصائي الخاص بالبرنامج، أوقفوا مشاركتنا بسبب شكوى تقدمت بها السفارة الإسرائيلية”.
وتابع أبو العلاء: “تتواصل معنا حاليا قناة NATIONAL TV، وهى إحدى القنوات الخاصة والمشهورة، وتستأنس بمشورتنا الإسلامية في عرض بعض القضايا التي تخص الأقلية الإسلامية التي تبثها على الشاشة، واستفسرت إحدى المنتجات للبرامج الاجتماعية منا حول مسألة تعدد الزوجات، ووافقت على تعديل سيناريو البرنامج حتى وصل الأمر إلى أن أدخلنا فتاة محجبة لتمثيل دور الشخصية المسلمة، وتمت معالجة كثير من الشبه والمفاهيم المختلطة عليهم”.
وأضاف: “كما دعيت كمستشار ديني في برنامج من أكثر البرامج مشاهدة في رومانيا، وكانت الحلقة تتكلم عن زواج غجري من تركية، ورؤية الإسلام حول هذا الزواج، وأيضا عن الحضانة في الإسلام”.
وعن إمكانية الوصول بهذه البرامج إلى قنوات التلفزة الحكومية لفت الداعية الإسلامي بقوله: “صحيح أن القنوات الخاصة هي اتجاهنا الأول، ولكن في أحيان نادرة تقبل قنوات التلفزة الحكومية استضافتنا في برامجها، مثلما حدث عندما ظهرنا في برنامج على القناة الأولى، وتحدثنا فيه عن موقف الشريعة الإسلامية من تطبيق عقوبة الموت في بعض الجرائم، كما استضافتنا القناة الثقافية الحكومية للتحدث عن الإسلام بشكل عام”.
وفيما يتعلق بثمار هذه التجربة الدعوية عبر برامج حوارية تلفزيونية تفاعلية قال الدكتور الغيثي إنها: “كانت سببا في اجتذاب الكثيرين من أبناء الشعب الروماني إليها”، مستدلا على ذلك بأن عدد مشاهدي بعض هذه البرامج وصل في بعض الأوقات وخلال الحرب الإسرائيلية الأخيرة على غزة إلى 5 ملايين مشاهد، بحسب إحصائية إحدى المراكز الرومانية المعنية بهذا الشأن.
وأضاف: “كانت نتيجة ظهورنا في هذا البرنامج بشكل دائم ومستمر أن يرتبط الناس بنا، وتتعرف علينا وعلى ما ندعوهم إليه بشكل واضح ومباشر”، وهو ما دعاه إلى التأكيد على أهمية استثمار الإعلام المرئي في الدعوة الإسلامية بالنسبة للأقليات المسلمة في الغرب.
ترجمة ومعارض
ورغم أهمية وجماهيرية الوسيلة التليفزيونية في توصيل الدعوة، فإن مؤسسة طيبة لم تتوقف عندها، واهتمت كذلك بالترجمة “التي تعد أفضل وسيلة دعوية بعد الإعلام المرئي”، بحسب وصف الغيثي.
ويضيف: “لتوسيع رقعة التعريف بالإسلام قمنا بترجمة وطباعة أكثر من 55 كتابا من الكتب المنتقاة والمفيدة التي تتناسب مع العقلية الأوروبية، وشاركنا في معارض دولية للكتاب برومانيا، عرضنا خلالها أفضل الكتب المترجمة عن الإسلام باللغة الرومانية، وشاركت معنا في هذه المعارض مؤسسة هارون يحيى من تركيا”.
ومتسدلا على “الأثر الإيجابي” لمشاركتهم في هذه المعارض بأنه كان من ضمن الزائرين لجناحهم بالمعرض رئيس رومانيا الأسبق، يون إليسكو، وأعضاء في البرلمان الروماني، إضافة إلى رجال دولة ومفكرين وإعلاميين.
وأيضا في مجال توسعة مساحة التعريف بالإسلام ذكر الغيثي أن مؤسسة “طيبة” تعقد ندوات ومؤتمرات، كان أهمها مؤتمر عالمي عن الإسلام بعنوان: “اكتشف الصورة الحقيقية للإسلام” بإحدى الجامعات الرومانية، حضره الرئيس الروماني الأسبق، إميل كونستانتنسكو، والبروفيسور المعروف والمشهور بالاتشيانو، والبروفيسور والمذيع أنتون كاراجيا، والذين “تحدثوا بإيجابية عالية عن الإسلام، وأثره في الحضارة الأوروبية، وقمنا بتصويره ونشره على موقع اليوتيوب”.
ووصل الدكتور أبو العلاء إلى رومانيا عام 1987 ضمن بعثة لدراسة الطب برومانيا، وبعد حصوله على البكالوريوس في الطب العام، واصل دراسته ونال الماجستير فالدكتوراه، وحاليا يعد الدكتوراه الثانية في نفس المجال، ويعمل حاليا مديرا لمؤسسة طيبة الخيرية العالمية برومانيا؛ والتي تعد أكبر المؤسسات الإسلامية الدعوية برومانيا، كما أنه يقوم بالإمامة والخطابة للعديد من المراكز الإسلامية في بوخارست العاصمة، كما يشغل أيضا مدير المكتب التنفيذي للمجلس الإسلامي الأعلى في بوخارست.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
إسلام أون لاين ـ هاني صلاح ـ 5 يوليو 2009