( 22 ) حوار الهند الأول ـ 2015م
“يعيش حوالي 65% من مسلمي الهند – البالغ عددهم حوالي 250 مليون نسمة، ويمثلون نحو 20% من تَعداد سكان البلاد البالغ حوالي 1300 مليون نسمة – في وضع اقتصادي سيئ يزداد سوءًا مع الوقت، وهو ما انعكس على الوضع التعليمي لأبنائهم؛ حيث تتوقف دراسة نحو 88% منهم عند المرحلة الابتدائية أو قبلها، وَفقًا لتقرير حكومي صدر في عام 2011م”.
أدار الحوار: هاني صلاح/
بهذه الكلمات، أكد “محمد نوشاد النوري القاسمي”؛ الأستاذ بالجامعة الإسلامية “دار العلوم وقف ديوبند”، ومساعد تحرير مجلة وَحْدة الأمة المحكَّمة، من أن تدهور الوضع الاقتصادي والتعليمي لأبناء مسلمي الهند أسفر عن تحويل نحو 90% منهم إلى “جُهلاء بالدين والدنيا معًا”، وحذّر من خطورة استمرار هذا الوضع الآخذ في التدهور على مستقبل المسلمين في القارة الهندية.
جاء ذلك في سياق حوار: (الإسلام والمسلمون في الهند)، وهو الحوار الأول عن الهند، والثاني والعشرون في سلسلة: “حوارات الأقليات المسلمة على الفيسبوك”، والتي تأتي في سياق برنامج للتعريف بواقع الإسلام والمسلمين حول العالم.
وقد أُجري الحوار على الفيسبوك خلال شهر مايو 2015م، ونشر على موقع مرصد الأقليات المسلمة، وإلى الحوار..
المداخلة التمهيدية
المشاركة الأولى.. من: هاني صلاح؛ منسق الحوار، ورئيس تحرير الموقع الإلكتروني لـ”مرصد الأقليات المسلمة”، وتتضمن ثلاثة أسئلة تعريفية بالحوار (أرقام: 1- 3):
1 ـ المحور الأول: التعريف بدولة الهند
أ ـ نُبذة مختصرة عن أهمية هذه الدولة التي تعد “قارة” نظرًا لكِبَر مساحتها وكثافة عدد سكانها، أيضًا – لو تكرمتم – إطلالة على الخريطة العرقية التي يتكون منها شعبها (أو شعوبها) – إذا صح التعبير.
جمهورية الهند تقع في جنوب آسيا، وهي سابع أكبر دولة من حيث المساحة الجغرافية، والدولة الثانية عالميًّا من حيث عدد السكان، وكانت تُطْلَق على كل من بلاد الهند وباكستان وبنغلاديش قبل التقسيم عام 1948هـ، ثم انقسمت إلى هذه الدول الثلاث، فوقع اختلاف يسير في جغرافيتها قبل التقسيم وبعده، وتبلغ مساحة الهند القديمة قرابة 3 مليون كم مربع.
الهند في خصائصها عالَـم مستقل، اجتمع فيها ما تفرق في الدنيا كلها، ففيها كل الديانات والأفكار، وكل العروق والألوان، وكل المذاهب والمشارب، وكل الطبقات والفئات، وجُلُّ المهن والحرف، وجل الصناعات والزراعات، وجل اللغات واللهجات، وجل مناظر الطبيعة والكون، فهي عالَم بمعنى الكلمة، وكَوْن صغير انطوى على كثير مما هو مبثوث في الدنيا كلها، ومنتشر في مناحي الأرض كلها.
ب ـ وكذا أهميتها الإقليمية بين دول المنطقة الأخرى..
الهند لها أهمية إقليمية كبيرة؛ فإنها تحوي من المناظر الطبيعية، وإمكانيات الرقي والازدهار، والحضارات التاريخية الكبيرة، وتنوع الألوان واللغات، وكثرة الديانات ما لا تعادلها أية دولة في المنطقة، فالصين تفوق الهند في عدد السكان؛ ولكن العظمة التي تصاحب الهند فيما يتعلق بتاريخها المشرق، وتنوعها الحضاري، والمعطيات الطبيعية، والعقول الخِصبة، والمآثر العظيمة، ودورها الطليعي عبر التاريخ تجعلها دولةً متميزةً ومهمةً جدًّا.
ومِن ثَم نجد أن الأمم الراقية في كل زمان اتجهت إلى الهند وسكنَتْها، وشاركت في بنائها وتطويرها، وحتى اليوم نجد الأمم الغربية كالولايات الأمريكية تبادر- وإن كان هذا لمرض أو غرض – إلى توثيق العلاقة بالهند، وتعتبرها صديقةً حميمة.
ج ـ أيضًا أهميتها بالنسبة لدول العالم الإسلامي والعربي وعلاقتها بهم..
أهمية الهند بالنسبة لدول العالم الإسلامي تتمثل في الآتي:
1 ـ خدمة العلوم الإسلامية: الهند شاركت في إضرام جَذْوة العلوم الإسلامية، وقد خَص بعضُ العلماء كتبهم بذكر الخدمات العلمية لعلماء الهند؛ كالشيخ عبد الحي الحسني الندْوي في كتابه: الثقافة الإسلامية في الهند.
2 ـ خدمة الأدب العربي: لعلماء المسلمين في الهند خدمات عظيمة في الأدب العربي.
3 ـ حركات الإصلاح والتجديد: ما زالت الهند مؤثِّرةً في العالم الإسلامي، ومتأثرة بما يجري فيه؛ حيث الحركات الإسلامية الإصلاحية والتجديدية التي قامت في العالم الإسلامي أثرت تأثيرًا عميقًا في عقلية المسلم الهندي، كما أن الحركات التي نشأت في الهند شقت طريقها إلى العالم الإسلامي.
4 ـ كثرة المسلمين في الهند: إن العدد الضخم الكبير للمسلمين في الهند حتى بعد تقسيم الهند إلى باكستان وبنغلاديش يُبدي أهميتها للعالم الإسلامي، فالواجب الإسلامي يدعونا إلى الاهتمام بشئون المسلمين، قلوا أو كثروا، فما ظنكم بمائتي مليون مسلم يعيشون في دولة، ومع هذا يشكِّلون أقلية.
5 ـ أعمال المسلمين بالهند في العالم الإسلامي: إن كثيرًا من المسلمين في الهند يمارسون وظائف مختلفةً في العالم الإسلامي، فهم في هذه الناحية أيضًا يمثلون جزءًا مهمًّا للبلاد العربية.
6 ـ الغَيرة الإيمانية لدى المسلمين في الهند: امتاز مسلمو الهند بغَيرتهم الإيمانية والحَمِيَّة الدينية، هذا ما نَلْمَسُه ويَلْمَسُه العلماء الكبار عندنا، ففي رسالة إلى الملك سلمان بن عبد العزيز قال الشيخ سلمان الندْوي: أَصْلِح نيتك، وجدِّد عزيمتك، ولا تَخَفْ من قِلَّة العدد والعُدد؛ فهؤلاء المسلمون في الهند يَفْدون مُهَجَهم وأرواحهم في سبيل الحفاظ على المقدسات الإسلامية.
2 ـ المحور الثاني: التعريف بمسلمي الهند
برجاء التكرم بإلقاء الضوء على مسلمي الهند من خلال توضيح:
أ ـ الخريطة العرقية لمسلمي الهند.
عدد مسلمي الهند مائتان وخمسون مليون تقريبًا، أكثرهم بلا شك هنود أصالةً وأسلموا، وحتى اليوم بعض الأسماء للقبائل الهندوسية تطلق على الذين أسلموا من تلك القبائل، ومع هذا توجد بعض القبائل التي تزعُم أنها عربية، فعروق المسلمين في الهند كثيرة، من أبرزها:
السادات: هم الذين يدَّعون أنهم أولاد علي بن أبي طالب، فحكْمُهم حكْمُ آل عليّ، وقد يكون للبعض نسب صحيح، ولكن الأكثر مدخول منحول.
الشيوخ: وهم الذين يدَّعون أنهم أولاد الخلفاء الراشدين أبي بكر الصديق، وعمر الفاروق، وعثمان بن عفان، وفيهم أيضًا صحيح ودخيل، والآخر هو الأكثر.
وبعدهم كثير من العروق التي اشتهرت بمهنها ووظائفها؛ كالخان، والحائكين، والصيادين، وباعة الخُضَر، والنَّدافِين وما إليها، فالهند – أيها الإخوة – دولة لا تجدون فيها أي شيء بلون واحد وصبغة واحدة، التعدد والتلون والتفنن طبائع الهند فلا تنسوها.
وللأسف، انتشر فيهم ما هو أقرب إلى التفاوت الطبقي، لاسيما في الخطبة والزواج، فأصحاب المهن العزيزة يَكرهون عقد الزواج من أصحاب المهن الحقيرة، وهذا أمر يَعافُه المِزاج الإسلامي، هدى الله الجميع الصراط المستقيم.
ب ـ الخريطة الاجتماعية للمسلمين: الوضع التعليمي، والوظيفي، والاقتصادي.
تقييمًا للوضع الذي يعيشه المسلمون في الهند تعليميًّا، ووظيفيًّا، واقتصاديًّا، واجتماعيًّا، وسياسيًّا، أنشأت الحكومة الهندية الحاكمة – المتمثلة في حكومة حزب المؤتمر الوطني – لجنةً تحقيقيةً بقيادة القاضي راجيندر ساشار عام 2006م ، وجاء تقرير اللجنة بواقع معاش صحيح، أبكى الغيور، وأخجل الوقور، ورأيت الهنود مسلمين وغير مسلمين اقتنعوا بالتقرير، وقد صدر هذا التقرير في عام 2011م، فأثار ضجةً كبيرةً، وأصبح حديث النوادي والحفلات، وموضوع الصحف والمجلات، فمن المناسب أن أستفيد منه في تسجيل الوضع التعليمي والوظيفي والاقتصادي للمسلمين في الهند، وهو كالآتي:
الوضع الاقتصادي:
كشف التقرير أن الهنود المسلمين هم أكثر الأطياف حرمانًا من الجانب الاقتصادي، ومعظمهم يعيشون تحت خط الفقر، وأشار إلى أن 65% من المسلمين مضطرون إلى العيش في وضع اقتصادي أسود حالِك، يزداد مع الأيام سوءًا إلى سوء.
وحسْبكم هذا التقرير دليلًا على الوضع الاقتصادي للمسلمين في الهند، وليس هذا كل البيان؛ فهناك أمور أخرى جديرة بالذكر، مثل أن الوظائف العزيزة مُوصدة أو شبْه مُوصدة أبوابها – بطريق غير رسمي – أمام المسلمين في الهند، والمسئولية واقعة على المسلمين أيضًا؛ فمشاركتهم في المقابلات الوظيفية قليلة، ومِن ثَم يَلُوذون بالفرار إلى الوظيفة الخارجية، ليكتسبوا بشقِّ الأنفس وإراقة العروق والدماء ما تعيش به الأسرة، بعيدين عن الزوجات والأولاد.
الوضع التعليمي:
أما الوضع التعليمي، فهو سيئ كذلك، ويَجْدر بالذكر أن في الهند نظامين للتعليم: نظام أهلي ونظام حكومي.
أما النظام الأهلي: فيتمثل في المدارس الإسلامية الأهلية التي تعتمد في تغطية حوائجها – بعد فضل الله سبحانه – على تبرعات الشعب المسلم الهندي، وأما النظام الحكومي: فهي المدارس والكليات والجامعات الحكومية، التي تُعلِّم الطلبة العلوم الإنسانية بأقسامها، وشهادات هذه المدارس والجامعات تجعل الطلبة يَستحقون نيل الوظائف الحكومية، وبما أن هذا النظام يعتمد في تطبيقه على النظام التعليمي السائد في الغرب، فهو كفيل بإبعاد الطلبة عن الدين الإسلامي، وزرع الشكوك في قلوبهم، فيتخرج الطلبة لا يعرفون من الدين شيئًا، بل هم يَستخِفُّون بالدين والشخصيات الدينية، ومن هنا يدعو علماء المسلمين إلى ضرورة العناية بالعلوم الدينية بجانب العلوم الإنسانية.
وبعد هذا أقول: إن دراسة اللجنة الحكومية أكدت أن الوضع التعليمي للمسلمين في الهند مصدر قلق ومثار عجب؛ فيقول التقرير: إن 88% من المسلمين يتوقف تعليمهم عند المرحلة الابتدائية أو قبْلها، والمعنى أن 90% منهم جهلاء بالدين والدنيا معًا، والذين يتلقَّون التعليم في المدارس الحكومية نسبتهم 8% من المسلمين، بينما الذين يَدْرُسون في المدارس الإسلامية هم 4%.
وهذا راجع إلى أسباب عدة؛ منها:
1 ـ عدم إدراك المسلمين ضرورة العلم الديني والإنساني.
2 ـ الفقر المُدْقِع هو العامل الرئيس في قطع صلة الطلبة عن العلم، فالآباء الفقراء يدفعون الأبناء دفعًا إلى الانشغال بالعمل الوظيفي رغم الأنوف.
3 ـ يقال إن فساد النظام التعليمي في المدارس الأهلية والحكومية هو الآخَرُ مسئول جزئيًّا عن هذا، ورأيي أن هذا – إن كان – مسئول عن المستوى التعليمي لدى الخريجين دون انتشار الجهل والأمية.
4 ـ أن المسلمين في الجامعات الحكومية – كما يقال – يواجهون مضايقات وسخريةً، مما يسبب نفورهم من التعليم، ولكن أكبر المسئولية مُلْقاة على عواتق الآباء المسلمين.
والأدهش من ذلك أن بعض العلماء قالوا: إن النسبة الصحيحة للوضع التعليمي للمسلمين هنا هي أقل مما جاء في تقرير اللجنة، وعلى مثل هذا فلْتَبْكِ البواكي.
ج ـ الخريطة الدينية للمسلمين: سنة أم شيعة؟ وما أبرز مؤسساتهم؟
قد أشرت سابقًا إلى أن التلون والتنوع هما طبيعة الهند وتاج رأسها، فتجدون هنا كل طائفة من الطوائف الإسلامية، أما طوائف السنة فهي أكثر بكثير من طوائف الشيعة؛ فالشيعة جِدُّ قليلٍ في الهند؛ وإنما زدت كلمة “طوائف” في كلا الجانبين. أما في جانب الشيعة، فمعروف أن الشيعة أطياف وجماعات، وأما في جانب السنة، فهي أيضًا طوائف وجماعات، وبينها من الاشتباكات الكلامية وتبادل صيغ السبِّ، والشتم، والتكفير، والتفسيق، والتضليل ما يجعلها طوائف متحاربةً، ويبعدها عن أن تُدرَج مع هذا الاختلاف الهائل في قائمة “السنة”، وعلى كلٍّ شهدت الهند في مختلف عصورها الصعود والهبوط الطائفي في جانب السياسة، حيث كان معظم الأمراء والحكام المسلمين سنةً، إلا أن بعضهم اشتُهر بنزعته الشيعية، وبعضٌ آخر قد اقترب من الشيعة.
والشيعة – كما هو المعروف من فطرتهم – رأس الفتنة، وأصل المحنة، فكان لهم في الماضي بعض المواقف التي جرَّت على الأمة الإسلامية ويلاتٍ ومصائب، وليس هذا موضع سردها، فإن البديهي لا يحتاج إلى نظر وبرهان.
والشيعة لديهم حرص أكبر على التعليم والاقتصاد والسياسة، فنسبة التعليم فيهم أعلى من السنة، وارتقى بعض الشيعة إلى المناصب الحكومية العالية، والحق أحق أن يقال.
وقد اشتد شعور القيادات الإسلامية في الآونة الأخيرة بتوحيد الصف الإسلامي، فأسَّس العلماء – وعلى رأسهم حكيم الإسلام محمد طيب القاسمي؛ رئيس الجامعة الإسلامية “دار العلوم ديوبند” سابقا – “هيئةَ الأحوال الشخصية لعموم الهند”، التي تضم جميع الأطياف والانتماءات الإسلامية باتزان واعتدال، ففيهم سنة وشيعة.
إن المؤسسات البارزة للسنة في الهند هي الجامعة الإسلامية “دار العلوم ديوبند”، والمدارس التي تتبعها فكرًا ومنهاجًا، أو فكرًا دون المنهاج التعليمي، و”جمعية العلماء لعموم الهند”، و”جامعة مظاهر علوم سهارنفور”، و”دار العلوم ندوة العلماء لكناو”، والجامعة الإسلامية “دار العلوم حيدر آباد”، و”الجامعة القاسمية مراد آباد”، والمؤسسات الأخرى الكثيرة.
وأبرز المؤسسات الشيعية في الهند هي: “انجمن حسيني” في مدينة تشيناي، و”مؤسسة المؤمل الثقافية” في مدينة غازيبور، وغيرها.
ومن معاقل التشيع في الهند مدينة “لكناو”، حيث يُشكِّلون فيها عددًا كبيرًا، ويمارسون كل الأعراف والتقاليد، ويضايقون إخوانهم السنة بالمستطاع، ثم مدينة “حيدر آباد”، وهناك مدن أخرى ينتشر فيها الشيعة بعض الانتشار.
3 ـ المحور الثالث: التعريف بضيف الحوار من الهند
أستاذ محمد، نرجو التعريف بكم لجمهورنا قبل البدء في الحوار من خلال:
أ ـ تعريف إنساني، واجتماعي، ووظيفي، ودعوي.
أنا محمد نوشاد عالم، الشهير بمحمد نوشاد النوري القاسمي، ابن الأستاذ عبد المتين ابن الشيخ نور الحسن ابن الشيخ يعقوب الصديقي، ولدت في 11/ 12/ 1985م، في بيت اشتُهر – ولله الحمد – بالعلم والدعوة، في قرية حميد فور، بمديرية سهرسه، بولاية بيهار، الهند.
وأسرتي تنحدر من سلالة علمية هاجرت – كما يقال – إلى الهند في عهد الإمبراطورية المغولية من أفغانستان، وسكنت مدينة جونفور، التي كانت آنذاك عاصمة العلم والأدب، وإحدى المراكز العلمية الشهيرة في الهند، ثم هاجر بعض قبائل الأسرة إلى ولاية بيهار لغرض سياسي أو تجاري، والمعروف أن الأسرة ينتهي نسبها إلى أبي بكر الصديق – رضي الله عنه – وليس لي في هذا نوع من التحقيق، والله أعلم بالصواب.
النشأة العلمية:
بدأت الدراسة في قريتي حميد فور على الأستاذ المقرئ محمد أفروز عالم، وفي مدة سنة ونصف حفظت القرآن الكريم كله عن ظهر قلب – ولله الحمد والمنة – مع الإلمام البدائي باللغة الأُردية، ثم التحقت في عام 1999م بالجامعة الرحمانية بمديرية مونجير، بولاية بيهار، الهند، بالصف الأول من قسم الفضيلة في العلوم الشرعية، ومكثت هناك سنتين، وكان نصيبي في جميع الامتحانات هو المركز الأول، بحمد الله، وكان من أساتذتي هناك كلٌّ من الشيخ محمد ظاهر القاسمي، والشيخ عبد الديَّان الرحماني، والشيخ محمد سبحان الرحماني، والشيخ كبير أحمد الرحماني، والشيخ أكبر الرحماني وغيرهم.
وفي عام1422هـ، الموافق 2001م، التحقت بالجامعة الإسلامية دار العلوم ديوبند- الهند في الصف الثاني من قسم الفضيلة في العلوم الشرعية، وفي عام1429هـ، الموافق 2008م، تخرجت في الجامعة حائزًا شهادة الفضيلة في العلوم الشرعية بدرجة ممتاز، وفي العام الدراسي التالي التحقت بقسم التخصص في الأدب العربي بالجامعة الإسلامية دار العلوم ديوبند، وتخرجت فيه بامتياز، وفي عام 1431هـ، الموافق 2010م، التحقت بقسم التخصص في الفقه الإسلامي بالجامعة الإسلامية دار العلوم ديوبند، وتخرجت فيه كذلك بامتياز، ومكثت في الجامعة الإسلامية دار العلوم ديوبند تسع سنوات، وحالفني فيها التوفيق والنجاح، فاحتللت في معظم الامتحانات المركز الأول، وفي بعضها المركز الثاني، ولله الحمد.
ب ـ ما أهم المهامِّ التي تقومون بها حاليًّا؟
أعمل أستاذًا ومحاضرًا وباحثًا في الجامعة الإسلامية دار العلوم وقف ديوبند الهند [وهي من كبرى الجامعات الإسلامية الهندية العريقة]، ومساعدَ تحرير مجلة وحدة الأمة العِلمية المُحكمة العربية الصادرة من الجامعة، وعضوَ رابطة تلاميذ القرضاوي، والمؤسسات العِلمية الأخرى، ولي مشاركات داخلية وخارجية في المؤتمرات والندوات، وقد طبع لي كتاب “عكس أحمد” باللغة الأردية [سيرة الشيخ أحمد النانوتوي؛ نجل الإمام محمد قاسم النانوتوي، مؤسس جامعة ديوبند]، وهناك عدد من الكتب تحت الطبع.
ج ـ وما أبرز المسئوليات التي قمتم بها سابقًا؟
1 ـ ظللتُ في أيام الدارسة في جامعة ديوبند رئيسَ لجنة محافظتي العلمية والأدبية لمدة ثلاث سنوات متواليات (2008م -2010م).
2 ـ أصدرت مجلة “طوبى” العربية نصف الشهرية بمشاركة زميلي ورفيقي “محمد طيب الكنكوهي” لمدة ثلاث سنوات (2005م – 2007م)، وعملت فيها رئيسَ تحرير المجلة.
3 ـ عُيِّنت رئيسَ تحريرِ مَجلة “الفضيلة” العربية الشهرية الصادرة عن لجنة سجاد الكبيرة في جامعة ديوبند خلال سنتي 2009م و2010م.
4 ـ عُينتُ معتمد النادي الأدبي بالجامعة الإسلامية دار العلوم ديوبند عندما كنت طالبًا بقسم التخصص في الأدب العربي فيها سنة 2009م، وهو من أكبر النوادي العلمية واللغوية العاملة في مجال تخريج الطلبة على الأدب العربي، وتكوين الذوق الأدبي فيهم.
5 ـ وفي نفس السنة أصدرتُ مجلة “النادي” الأسبوعية ومجلة “الربيع” العربية بمشاركة زملاء القسم، وهي كلها مجلات جدارية طلابية.
6 ـ عُينت أستاذًا في الجامعة الإسلامية دار العلوم حيدر آباد- الهند، وعملت هناك ثلاث سنوات متواليات (2011م – 2013م).
مشاركات الجمهور
المشاركة الثانية.. من: أحمد التلاوي؛ باحث مصري في التنمية السياسية، وتتضمن ثلاثة أسئلة (أرقام: 4- 6):
4 – السؤال الأهم الآن.. الموقف في الولايات التي تشهد تعصبًا هندوسيًّا ضد المسلمين.. هل يمكن أن تتحول إلى مشكلة عامة في عموم الهند؟
بشأن الحديث عن التعصب والعنصرية أقول:
العنصرية في الهند متجذرة ومتوارثة منذ القدم، إلا أن الوضع المتردي للمسلمين عالميًّا شجع الحكومات في كل دولة، والحاقدين على الإسلام والمسلمين، على التنكيل بالأقليات المسلمة في كل مكان، وتعصُّب الهندوس للمسلمين راجع إلى أسباب، أقول ذلك مؤكدًا على أن اختلاف الدين ليس هو العامل الأساس في العنصرية المتفاقمة.
ومن هذه الأسباب:
1 ـ انتشار الإسلام في الهند انتشارًا كبيرًا، وترامي الهنود في حضن الإسلام بشكل ملحوظ؛ مما أثار كراهية شديدة في قلوب الهندوس، وظلت هذه الكراهية متوارثة جيلًا بعد جيل.
2 ـ إن فكرة تقسيم الهند في أول أمرها كانت تقضي بانسحاب المسلمين كليًّا من الهند وانحسارهم في باكستان، إلا أن الأمر آل إلى تقسيم الهند، والمسلمون في خيرة من أمرهم، إن شاءوا سكنوا الهند كما كانوا، وإن شاءوا هاجروا إلى باكستان، والمتعصبون من الهندوس يسممون الجو بهذه الفكرة، فيقولون: إذا تم تقسيم الهند باسم الإسلام، فلا مبرر لبقاء المسلمين في الهند، رافضين كل الاتفاقيات والوثائق المبرمة في هذا الصدد؛ حتى بلغ بهم التعصب إلى أن القادة الهندوس الذين أبرموا هذه الاتفاقيات؛ كأمثال “غاندي” و”جواهر لال نهرو”، رمَوهم بخيانة الوطن والهندوس.
3 ـ إن لوسائل الإعلام الموجهة دورًا كبيرًا في نشر العنصرية والتطرف ضد المسلمين في الهند؛ إذ لا تزال القنوات الهندية الموجهة والصحف الهندية اليومية تثير دعايات مكذوبة، وتنذر بخطر ما يسمى بـــ”الإرهاب الإسلامي”، وقد اعتاد الإعلام الهندي على نسبة كل حوادث التفجيرات إلى المسلمين من دون دليل أو برهان، وبِناءً على هذا تقوم الشرطة باعتقال عشوائي وتعذيب وحشي للشبان المسلمين، ثم تُجرى عمليات قضائية أعوامًا طوالًا، وبعد كل هذا تثبت براءة المعتقلين، بعدما أمضوا أحلى أيامهم بين جدران السجون، وتحت تعذيب لا يطاق.
4 ـ وزاد الطين بِلَّةً نجاح الحزب المتعصب للغاية حزب b.j.p [حزب الشعب الهندي] في الانتخابات البرلمانية بأغلبية كاسحة، فإنه ما نجح إلا وجعلت ضفادع التعصب تَنِقُّ بأكره ما يكون من نقيق، وشرَع الخُرْس في النطق الفصيح، وبدأ العُرْج يسيرون سيرًا حثيثًا، وأطلق بعض النواب في البرلمان كلمات خبيثة، ونوايا بغيضة، وعمد البعض إلى ارتداد المسلمين عن الهندوس بشكل إجباري؛ مما جعل المسلمين يتقلبون على أحر من الجمر، لا يقرُّ لهم قرار، ولا تهدأ لهم حياة.
أما إمكانية أن يتحول هذا التعصب إلى مشكلة عامة في الهند، فكل المؤشرات تدل على هذا، فإن الفكرة لم تعد مطوية في خفايا الضمير وطيِّ الصدور، بل قد بدت بالأفواه، وتمثلت في السلوك، ووقفت بجانبها الحكومة التي لا تحسن سوى تدمير البلاد وتمزيقها، وبث السموم في أجوائها.
وبهذا الطريق تروج الفكرة، وتشيع النظرية، ما لم يقم في وجهها سدٌّ قويٌّ يعترضها، وحتى الآن ما خلت الهند من هذا السد، ويجب على المسلمين استغلاله في وقته، وهو ما يلي:
صفحة أخرى لا تُجحد قيمتها
مع ما تشهده دولة الهند وشهدته في الماضي من اشتباكات، واضطرابات طائفية، وكلمات خبيثة، وتهديدات سافرة، وكَيل الحكومة بمكيالين، مع هذا كله يجب أن أقول: إن المتعصبين من الهندوس نِسبتهم ضئيلة في عدد الهندوس، فالكثير من الهندوس يؤمنون بالتعايش السلمي والاجتماع والحب والوفاء، ويكرهون كل الكراهية التفرُّق والتشتُّت والعنصرية والاعتداء الطائفي على المسلمين، بل الكثير منهم يساندون المسلمين للوقوف ضد الظلم والطغيان، ويقفون بجانبهم يدًا واحدةً في المطالبة بالحقوق، وهذه هي الصورة الصادقة للهند التي فُطرت عليها؛ فإن المسلمين حكموا هذه البلاد من قبلُ بروح التسامح والوفاء والولاء والاحترام، فأعطوا وأخذوا، وتعاونوا وتكاتفوا.
فيجب على القادة الإسلاميين نشر هذه الروح، وجذب الهندوس المسالمين إلى صفهم، وفي هذه السبيل يجب بذلُ أقصى ما يمكن من مالٍ وطاقةٍ وجهدٍ.
5 – ما نسبة مشاركة المسلمين سياسيًّا واجتماعيًّا؟
نسبة مشاركة المسلمين في السياسة لا تزيد على 5%، بينما هم 20% من سكان الدولة، ففي الانتخابات البرلمانية عام 2014م، فاز 23 نائبًا مسلمًا بمقاعد برلمانية من بين 542 مقعدًا، وهذا أقل من 5% أيضًا، والسبب أن المسلمين مشتتون متفرقون في البلاد، لا تتوحد لهم كلمة، ولا يجتمع لهم صوت، والعلماء يحثُّون المسلمين على المشاركة الفعالة في السياسة؛ ليمثلوا أمتهم خيرَ تمثيل، وللمسلمين حزبان أهليان، ليس لهما كبير أثر في البلاد، وعامة المسلمين مع حزب المؤتمر الوطني الذي هو محايد نسبيًّا.
ولا تختلف نسبة مشاركة المسلمين اجتماعيًّا عن نسبة مشاركتهم السياسيَّة، فلا نجد في البلاد إلا عددًا قليلًا جدًّا للمسلمين تفرغ للمشاركة المجتمعية. نعم، إن جمعية علماء الهند أخذت على نفسها المشاركة الفعالة في الجانب الاجتماعي، وهناك مؤسسات أخرى لها مشاركات في الأمور الاجتماعية، مع أن المشاركة الاجتماعية من شأنها أن تلطف حرارة التعصب، وتعالج سموم الطائفية، وتخلق جوًّا أخويًّا يسوده التسامح والإخاء والحب والوفاء، وتأتي بنتائج سارة، وهي ضرورة قومية للمسلمين في الهند.
6- ماذا عن علاقة المسلمين في الهند بباكستان في ظل الروابط التاريخية والدينية، وحساسيات ذلك بالنسبة للهنود؟
من المعلوم أن العلاقات الهندية – الباكستانية ما زالت متوترة، وتشهد الصعود والهبوط بشكل عجيب، وأكثر من يتضرر بهذا التوتر هم المسلمون؛ فلا يستطيعون لقاء الأحباب والأقرباء، وتبادل الأحوال والأوضاع مباشرة، حتى عاد المسلمون لا يفكرون في زيارة باكستان نظرًا إلى الإجراءات المرهقة الشاقة.
أما العلاقات الدينية، فهي أقوى رابطة عرفتُها لَدينا، تربط بين مسلم ومسلم، سواءً تقاربت الدار أو تناءت، وهي علاقة قائمة بما فيها من شدة وتماسك وإحكام بين المسلمين في كل مكان، ومنهم المسلمون القاطنون في الهند وباكستان، فليس لعلاقتهم الدينية قاعدة أخرى.
وأما علاقتهم التاريخية، فهي علاقة ممتدة الجذور؛ فهم إخوة أشقاء، أُخوّة العقيدة والإيمان، أُخوة التاريخ والوطن، أُخوة الغاية والمصير، وإقامة الحدود الوطنية لن تذيب هذه العلاقات المتشابكة المتنوعة.
لكن العلاقة في الظاهر منقطعة؛ لا زيارة، ولا لقاء، ولا تبادل، ولا مساندة، ولا وضع بلسم، ولا تخفيف ألم.
المشاركة الثالثة.. من: حسين علي الصيفي؛ مدير مكتب هيئة الإعجاز العلمي في القرآن والسنة في البرازيل.
بسم الله الرحمن الرحيم.. الحمد لله رب العالمين، وبعدُ، سؤالي هو:
7 ـ الهند بلد عملاق ومكتظ بالسكان، ونسمع أن الناس تعبد من دون الله الشجر والحجر والحيوانات والناس.. هل تأثر المسلمون بهذا؟ وما الخطوات التي تتخذها المؤسسات الإسلامية للتصدي لهذا الأمر، وللحفاظ على العقيدة ﺍلإﺳﻼﻣﻴﺔ لأبنائها؟
أما آلهة الهندوس فهي فوق الحصر والبيان، وقدَّرها بعض العلماء بأنها تبلغ 350 مليونًا. نعم، آلهة كثيرة بكثرة العباد، فقَلَّ شيء في الدنيا إلا وهو معبود لدى الهندوس؛ من الحجر والشجر، والبقر والكلب والخنزير، والماء والجبل، والنهر والبحر، والصنم والكتاب، والأرض والسماء، والشمس والنجم والهواء، والإنسان وأعضاء الإنسان، حتى العضو الرجالي والنسائي وما إليه.
ومن الطبيعي أن المسلمين تأثروا بالهندوس في كثير من جوانب الحياة، وفي الجانب العقائدي أيضًا أخذوا كثيرًا من الأمور، ومنها تقديس القبور، والسجود لها، والعكوف عليها، وإلقاء الزهور والستور عليها؛ حتى نشأت في الهند طائفة اتخذت هذه الأمور الشركية دِينًا تدافع عنه بأقصى ما يمكن، وهي طائفة البريلوية القبورية، وانبثقت من هذه الأمور الشركية عقائد فاسدة أخرى، لا سيما بعد انتهاء الحكم الإسلامي، عندما قامت الحملات التبشيرية بزرع الشكوك في قلوب المسلمين فيما يتعلق بالعقائد الإسلامية، وانتشر الجهل والأمية انتشارًا مروعًا، فتغير حال المسلمين كثيرًا.
وانبرى العلماء الغيورون في وقت مبكر للتصدي لهذه الردة الشنيعة، فأول من اعتنى بهذا الجانب هو الشيخ إسماعيل الشهيد، والسيد أحمد بن عرفان الشهيد، ثم خلفهما علماء ديوبند في الرد على البدع والمحْدَثات، وتمثلت الجهود الإصلاحية في نشر التعليم الديني الصحيح؛ من خلال إقامة المدارس الإسلامية، والحفلات الإصلاحية العامة، ومناظرة أهل البدع، وتوعية الأمة المسلمة.
وجهود علماء ديوبند في الرد على البدع والمنكرات تُذكر وتُشكر، وشاركهم في هذا الأستاذ المودودي وجماعته الإسلامية، وعلماء أهل الحديث غير المقلدين، فاتحدوا في نشر السُّنة ومحو البدعة، ولقيت جهودهم نجاحًا باهرًا، فنشأ في الأمة الإسلامية شعورٌ بضرورة الوقوف عند حدود الله، ولو تجاوزت هذه الجماعات الاختلافات الفرعية فيما بينها لأتت بحاصل كبير، واستطاعت القضاء نهائيًّا على البدع، بإذن الله.
المشاركة الرابعة.. من: حبيب عثمان؛ عضو قسم الإعلام في “جبهة تحرير مورو الإسلامية” ـ الفلبين:
8 ـ هلَّا تصف لنا دور المسلمين الهنود على مستوى الفرد والجماعة عن المسلمين في كشمير؟ وما وضعهم في الوقت الحالي.. هل يبعث الأمل ويُبشّر بالخير؟
الحديث عن كشمير حديث ذو شجون، حديث يثير كامن الشوق والألم، حديث قد تمس حِدَّته القادة السياسيين، وتثير نقطة السؤال والشك في نيتهم وسلوكهم، وحديث لا يصادف هوًى في قلوب الكثير، فالقضية الكشميرية، أيها الإخوة، قضية مُسَيَّسَةٌ ومُغَيَّبَةٌ ومضطربة معًا، على الوجه التالي:
• مُسيَّسة في باكستان.
• مُغيَّبة في الهند.
• مضطربة في كشمير.
أمَّا إنها مُسيَّسة في باكستان فكل الأحزاب السياسية الباكستانية تساوم على القضية وتتآمر عليها، وتتذرع بها لكسب الأصوات والشعبية في طول البلاد وعرضها، وإن الكلمات الرنانة الطنانة التي يطلقها القادة الباكستانيون بشأن القضية الكشميرية ليست إلا محاولة لإثارة الشعب الباكستاني، وتسفيهٍ للعقل الباكستاني، وذريعة لشق الطريق إلى الشعبية الطيبة والسمعة الزائفة لدى الجماهير.
والقضية الكشميرية في هذا الصدد مثل القضية الفلسطينية لدى الحكومات العربية، فجميع الحكومات تبدي خالص الولاء للقضية، حتى تلك التي أقامت صداقة قوية حميمة مع الدولة الصهيونية، وباعت الغيرة والحمية، وداست بالأقدام إرادة الشعب، وتسييس القضية لا يعني إلا هذا.
أمَّا إنها مُغيبة في الهند، فحقُّ القضية يقتضي أن تكون على رأس القضايا والمشاكل الإسلامية في الهند؛ لكنها – مع الأسف – ليست في قائمة القضايا، فضلًا عن أن تكون أولى القضايا أو قضية القضايا، وأحلف – بالله – أني سمعت كثيرًا من القادة الإسلاميين وقرأت لهم ما يكتبون بشأن القضايا الهندية، وشاركت في الحفلات الرامية إلى الحديث عن مشاكل المسلمين في الهند وحلولها، فما وجدت للقضية الكشميرية مكانًا يُذكر، وبعض المؤسسات الإسلامية تقيم حفلات كبيرة، وتعلن في أهدافها كل القضايا الشرقية والغربية الإسلامية إلا القضية الكشميرية؛ فإنها إمَّا أنها لا تُذكر، أو تُذكر كأنها ليست كبير مشكلة.
ولعلهم خافوا من دعايات المتعصبين من الهندوس؛ فإنهم يتهمون كل من يقف بجانب الكشميريين بخيانة الوطن، ويرمونهم بالإرهاب.
وكونها مضطربةً في كشمير واضح؛ حيث الكشميريون هم الضحايا، ولا يضحون بحقهم في الأرض فقط؛ وإنما يضحون معه بحريتهم واستقلالهم، ويضحون بأعراضهم وأموالهم، ويضحون بمُهَجهم وأرواحهم، يعيشون في عقر دارهم عيش المسجونين أو أسوأ من هذا.
جرّبوا كل الحكومات ووضعوا يدهم في يد كل من ظنوه مخلصًا وفيًّا لهم، واقتنعوا نهائيًّا بأن الحل إذا جاء، جاء من قبل أنفسهم دون غيرهم.
أمَّا مؤتمرات الأمم المتحدة بشأن القضية، فهي تَلاعب بالقضية وإدارتها في غير الوجهة لتبتعد عن الغاية.
فالوضع الحالي لا يبشر بالخير، ولا يشير إلى أي تغيير في المستقبل القريب، ويجب على القادة الإسلاميين في الهند الاهتمام البالغ بالقضية، والوقوف بجانب الكشميريين الغرباء في وطنهم، ومساندة القضية، والمطالبة بالحق الجمهوري الدستوري الذي أقرَّ به الدستور الهندي.
المشاركة الخامسة.. من: سعيد إبراهيم كريديه؛ رئيس قسم المراجع في مكتبة الجامعة اللبنانية الأمريكية، ومؤلف عدة كتب عن المسلمين حول العالم:
السلام عليكم.. سؤال إلى الضيف الكريم:
9 ـ ما مدى تأثير القومية البنغالية على مسلمي بنجلاديش، وهل هذه القومية تقف حاجزًا أمام وحدة مسلمي شبه القارة؟
إن وحدة اللسان والدين والقومية إن أقامت علاقة قوية بين أصحابها، فهذا شيء طبيعي معقول، ولكن مما لا بد منه ألا تؤثر هذه العلاقة القائمة على القومية في العلاقات الأخرى تأثيرًا سلبيًّا، والمؤسف أن المسلمين في بنجلاديش جعلوا هذه القومية كإله يُعبد، أو شعارٍ هامٍّ لا يُرفض، وقد عملت هذه القومية البنغالية مسبقًا على تقسيم الهند تقسيمًا غير معقول، فكانت دولة باكستان مشتملة على منطقتين لا صلة بينهما لا في الحدود والثغور، ولا في القومية واللغات، فسرعان ما انقسمت دولة باكستان إلى دولتين: باكستان وبنجلاديش، وهذا أثر مشئوم لهذه القومية؛ حيث ظهرت مدمرةً للوحدة الإسلامية في شبه القارة الهندية.
والقومية في الحقيقة لا تنافي تصور الأمة الإسلامية العظيمة، بشرط أن تكون هذه القومية تابعة للمِلَّة، وجزءًا من أجزائها الكثيرة، أما إذا قامت للقومية قائمة على حساب الدين والملة، فهي سُمٌّ فاتك.
فيجب على المسلمين في بنجلاديش أن يتنبهوا لهذا، ويعطوا كل شيء ما له من حق، ولا يغالوا في تقديس القومية البنغالية على حساب العلاقة الدينية التي تربط المسلم بأخيه المسلم في كل مكان، بغضِّ النظر عن العروق والأجناس والأوطان.
المشاركة السادسة.. من: محمد سرحان؛ مراسل “علامات أون لاين” في إسطنبول، وتتضمن سؤالين (أرقام: 10، 11):
10 ـ هلَّا تصف لنا حقيقة الصراع في كشمير.. وما الدور المنوط بالمسلمين حول العالم تجاه قضية كشمير؟
حقيقة الصراع في كشمير أن الحق ضعيف؛ لأنه بلا عصًا، والمغتصب متوغل في الفساد، ومدجج بالسلاح، يقول الشعر الأردي ما ترجمتُه إلى الشعر العربي:
إذا عاداك سلطان فلا يجديك برهان
والخلفية التاريخية للقضية أن الإنجليز المستعمرين عندما أحكموا سيطرتهم على الهند باعوا ولاية كشمير إلى الفيل الهندوسي بثمن بخسٍ، لمدةٍ انتهت عام 1946م، وكان الإنجليز قد سبق أن أعلنوا أن الولايات التي يحكمونها سوف تنضم إلى إحدى الدولتين: الهند أو باكستان وفقًا لرغبة سكانها، ولما انتهت اتفاقية البيع مع الفيل الهندوسي، وكان المسلمون ـ في كشمير آنذاك 90% ـ حريصين على الانضمام إلى الدولة الباكستانية، تَردَّد الفيل الهندوسي في الاستجابة لطلب الشعب الكشميري؛ فقامت انتفاضة شديدة ضد الملك الهندوسي، ولكن قوبلت الانتفاضة بقمعية وحشية ومجزرة بهيمية، ذهب ضحيتها نحو مائة ألف مسلم على الأقل، وضمّت الهند ولاية كشمير إليها بعد الاستقلال، وتسببت القضية في حروب عدة بين الهند وباكستان، ورفعت الهند عام 1948م القضية إلى مجلس الأمن الدولي، وحاولت إقناع الدول بأن ضمَّ كشمير إلى الهند جاء استجابة لرغبة الشعب الكشميري، وقدمت الشيخ محمد عبد الله ناطقًا باسم شعب كشمير، وما كان في يوم من الأيام ناطقًا بلسان شعب كشمير.
واتخذ مجلس الأمن قرارًا بوقف إطلاق النار، والاتفاق على سحب جيوش الهند وباكستان من المنطقة، وضرورة إجراء استفتاء عام محايد بشأن الانضمام.
وها قد مرت على هذا القرار سنوات، والشعب الكشميري منتظر بفارغ الصبر متى يُجرى ذلك الاستفتاء العام المحايد المصيري، ومع الأيام تنكرت الهند للاستفتاء، والهند تتصرف في كشمير كإحدى الولايات التابعة لها، وسياط العذاب معلقة على رءوس الكشميريين إن أرادوا التحرك على خلاف الحكومة، ومجلس الأمن تاريخه معروف؛ فلا تعليق على ذلك.
هذه هي حقيقة الصراع في قضية كشمير بإيجاز.
11 ـ ما حقيقة حملات إجبار المسلمين والمسيحيين في الهند على اعتناق الهندوسية؟
إن المتعصبين من الهندوس في هذه الأيام، أي في حكومة “نريندرا مودي” يعيشون كالدجاجة المخلاة والإبل الشوارد، يقولون ما شاءوا، ويفعلون ما أرادوا، وقد بلغ بهم الحقد على الإسلام والمسلمين أنهم أعلنوا أنهم سوف يجبرون المسلمين والمسيحيين على اعتناق الهندوسية، وقد غرُّوا بضعة مسلمين، وألقوهم في حبالة الوثنية جزاء بعض المطامع المادية.
ولكن الحادثة أقامت الهندَ وما أقعدتها، تناولها العلماء والخطباء والصحفيون بشكل أيقظ المسلمين، وأطار نومهم، وأزال ستار الغفلة المسدول على عقولهم، حتى عاد إلى الإسلام المرتدون – ولله الحمد. ولا يستطيعون – بإذن الله – ردَّ المسلمين عن الإسلام في المستقبل.
فليست المشكلة ما يعلنه ويقوله المتعصبون من الهندوس، وإنما كل المشكلة هي سكوت الحكومة وعدم جديتها حتى في مثل هذه القضايا الساخنة المصيرية.
وإني واثق بأن جميع مجهودات هؤلاء المتعصبين ستذهب أدراج الرياح، وإني أتمثل هنا بقول الشاعر:
كيف الوصول إلى سعاد ودونها ** قلل الجبال، ودونهن حتوف
المشاركة السابعة.. من: د. إسماعيل قاضي؛ الأمين العام لاتحاد المنظمات الاجتماعية “الرائد” في أوكرانيا:
12 ـ مسلمو الهند ليسوا بأقلية، فعددهم قرابة ١٥٠ مليونًا، ولا ينطبق عليهم هذا المصطلح؛ لذلك أرجو منكم إفادتنا: ما الأولويات لكم في بلدكم، وكيف تتعاملون مع التحديات التي تواجهكم؟
المسلمون في الهند كإخوانهم في كل مكان يجرون بلا هدف، ويسعون بلا غاية، يعملون بلا تخطيط، ويغترُّون بالمظاهر بلا إدراك، ومعظمهم يهمهم فكرة المعاش والقُوْت، ولا يعرفون ما يُبَيَّتُ لهم من مكائد ودسائس، ولا يتَّعظون بالأخبار والحوادث ـ مع كثرتها ـ فالكثير منهم لا يعرفون ما التحديات التي تهددهم، وما المشاكل التي تواجههم وقومَهم. هذا حال الجمهور من المسلمين.
أما الخاصة، فالمخلصون منهم قليلون، وبعض المؤسسات البارزة كـــ”هيئة الأحوال الشخصية الإسلامية لعموم الهند”، و”جمعية علماء الهند”، و”رابطة المدارس الإسلامية لعموم الهند”، التابعة للجامعة الإسلامية دار العلوم ديوبند، تُتابع التقلبات السياسية الأخيرة، وتحاول تدبير الأمور ومواجهة التحديات السائدة، حقق الله مساعيها، وتولى الأمةَ الإسلامية في كل مكان بالعناية والرعاية.
أما كيفية التعامل مع التحديات، فقد ذكرتُ في إحدى الإجابات أن معظم الهندوس يريدون التعايش السلمي، ويكرهون العنصرية والتفرق، فليس الحل الحاسم إلا تكوين الجو الأخوي الهادئ المفعم بالحب والإخلاص والوفاء وتبادل الاحترام، واستئصال الدعايات المكذوبة والظنون والمخاوف المثارة، وقد تنبه لهذا العلماء، فبدءوا يكتبون ويقولون ما من شأنه خلق المناخ الآمن، وتعميم رسالات الحب والإخاء.
ومن أولويات المسلمين في الهند:
ـ أن تبقى الهند على أقدارها: الجمهورية، والحضارة المشتركة التاريخية التي تركز على السماح والتسامح والاحترام والوفاء.
ـ وأن يعيش المسلمون في الهند كمواطنين أعزاء، لا يُرمَون بالإرهاب، ولا يُعامَلون معاملة التعسف والإجحاف، ولا يُزَجُّ بشبابهم في السجون دونما جريمة ارتكبوها.
ـ وأن يكون في جميع الدوائر الحكومية تمثيل صحيح بقدر عددهم في البلاد.
ـ وألَّا تتدخل الحكومة في مؤسساتهم الأهلية الخاصة: كالمدارس، والجامعات، وأراضي الأوقاف، وغيرها.
أما أن مصطلح الأقلية لا ينطبق على المسلمين في الهند لكثرة عددهم في البلاد، فأقول:
أولًا: إن الأقلية والأكثرية كلمتان إضافيتان، فشيءٌ واحد قد يكون أقل بالنسبة إلى ما فوقه في العدد، وقد يكون أكثر بالنسبة إلى ما دونه، وعلى هذا الأساس يأتي عدد المسلمين أقل من الهندوس، فهم من هذه الناحية أقلية.
وثانيًا: لا خِيرة للعامة في إيجاد المصطلحات السياسية؛ هذا إلى الحكومة، والحكومة تطلق على المسلمين في الهند “الأقلية”؛ فلا نقدر على إلغائها.
وثالثًا: إني أرفض كل الرفض تقسيم المواطنين إلى أكثرية وأقلية، والتفريق بينهم في الحقوق، فهذا خلاف المساواة التي يحمل النظام الجمهوري لواءها.
المشاركة الثامنة.. من: شادي الأيوبي؛ صحفي لبناني مقيم في اليونان..
13 ـ السلام عليكم.. سؤالي حول دور ملايين الهنود العاملين في العالم العربي، وخاصة دول الخليج، في دعم حكومتهم الهندية ضد القضية الكشميرية.
فكرت في إمكانية أن يكون للعاملين في العالم العربي دور في قضية من القضايا، فصحَّ لدي أنهم ليس لديهم فكرة، ولا لهم دور، فمعظم العاملين هم الطبقة السفلى، يؤثرون بضعة ريالات على جميع المصالح الشخصية والقومية، يتحركون مع الريال دون الفكر والخيال.
المشاركة التاسعة.. من: أحمد أبو خبير؛ صحفي مختص بشئون القارة الهندية بجريدة “الأمة” الإلكترونية، وتتضمن سبعة أسئلة:
13 ـ كيف ينظر المسلمون إلى مستقبلهم في عهد رئيس الوزراء “نريندرا مودي” المعروف بعدائه للمسلمين؟
المسلمون خائفون وقلقون في النظام الحالي؛ فإن الرجل معروف بمواقفه العدائية للمسلمين كما قلتم، ولكن قامته السياسية ليست ناشئة عن خدماته، وإنما هذا من فضل الإعلام الهندي المسيَّس الموالي للصهيونية، وفشل حزب المؤتمر الوطني في تحقيق رغبات الشعب الهندي.
وقد تجلى للشعب الهندي أنهم نفخوا في غير ضَرِمٍ، واستسمنوا ذا ورَمٍ؛ فالرجل ونظامه السياسي ليسا على المستوى المأمول، فالمستقبل ـ إن شاء الله ـ ليس بمظلم، وهذا الظلام سينقشع عمَّا قريب، والمطلوب من المسلمين هو الحزم والتدبير والمجاهدة، فهي سُنة الأمة الحيّة، أو سُنة حياة عزيزة عبر الزمن.
14 ـ ما الانعكاسات ـ سواءً السلبيَّة أو الإيجابيَّة ـ على المسلمين في الهند بعد قانون “الأرض” الذي يناقَش الآن في البرلمان؟
من السياسات الخرقاء للحزب الحاكم التي أثارت كراهية عامة الشعب الهندي للحكومة: المساومة على الأراضي الهندية، وإخراجها من ملكية أصحاب الأراضي، وإعطاؤها للشركات الأجنبية مقابل نقود مالية زهيدة جدًّا، وأصحاب الأراضي في احتجاجات وتظاهرات متواصلة، لا يَقرُّ لهم قرار، ولا يلين لهم جانب، ولن يترك هذا القانون إلا انعكاسات سلبية، قد تنتهي بإسقاط الحكومة في الانتخابات التالية، إن شاء الله.
15 ـ هل يشغل المسلمون مناصب في الوظائف الحكومية الهامة في الدولة، وهل يَحقُّ لهم الترشح للبرلمان؟
نسبتهم في المناصب الحكومية المرموقة ضئيلة، والدستور الهندي يعطيهم الحق في شغل المناصب والترشح للبرلمان، وفي الانتخابات السابقة فاز 23 مسلمًا، واختيروا نوابًا في البرلمان.
16 ـ موقف المسلمين من حزب ” المؤتمر” وسياساته، ولماذا يركن المسلمون إليه مع العلم أن خلفيته لا تخدم الإسلام ولا المسلمين؟
ركون المسلمين إلى حزب المؤتمر الوطني مع خلفياته السوداء ليس إلا اختيار أهون البَليَّتين، فالحزب المذكور لا يخيف المسلمين، ولا يعلن أمام الملأ أن المسلمين مواطنون ثانويون في البلاد، ولا يهجم عليهم الهجوم النفسي؛ ولذا يود المسلمون ألَّا يستقل حزب بالحكومة؛ بل تتكون الحكومة من أحزاب عدة، حتى لا يحقق ما يريد من نوايا خبيثة، ولا يكسر إرادة الشعب.
17 ـ حدِّثْنا عن مدى تمتع المسلمين بالامتيازات الحكومية (الاجتماعية والسياسية والاقتصادية) أُسوةً بأصحاب الديانات الأخرى في الهند؟
ليس في هذا الصدد شيء يُذكر.
18 ـ ما مدى تمتع مسلمي الهند بحرية العبادة، لا سيما في الأماكن التي يمثلون فيها أقلية من (إقامة الصلاة والصوم والحجاب .. إلخ)، وهل هناك قوانين تجبر المسلمين على اتباع أساليب معينة في المسائل الاجتماعية (الزواج أو الطلاق)؟
نعم، المسلمون أحرار في ممارسة العبادة وجميع الشعائر الدينية، حتى في الأماكن التي هم فيها أقلية؛ بل مثل هذه الأماكن هي الأحسن حالًا، وليس في الهند قوانين تجبرهم على اتباع أساليب معينة في المسائل الاجتماعية. وقد حاولت الحكومة مرات عديدة أن تفرض على الشعب الهندي كله الأساليب المعينة، وتتخذ الدستور المدني الموحد، لكن قوبل مثل هذا القرار برفض شديد من المواطنين، لا سيما المسلمين؛ مما اضطر الحكومةَ إلى إلغائه.
المعلوم أن المتعصبين من الهندوس يريدون تَوتير الجو وتسميم البلاد، وهم ساعون في هذا، وتحدث مشكلة بين فَينةٍ وأخرى، ولكن هذا سلوك شخصي، وليست ظاهرة عامة.
19 ـ ما نظرة المجتمع الهندي للمسلمين فيما يتعلق بالأراضي الهندية، لا سيما بعد الانقسام مع باكستان (1947)؟
المسلمون لهم أراضٍ في الهند، كما لغيرهم، وليس في هذا نوع من السلوك المنحاز مع المسلمين، فهم يتصرفون في أراضيهم كما يشاءون.
المشاركة العاشرة.. من: محمود سعيد؛ باحث في شئون الأقليات المسلمة، وتتضمن ثمانية أسئلة:
20 ـ يوجد دائمًا تضارب في أعداد مسلمي الهند.. فما العدد التقريبي لهم، وما أهم مناطق انتشارهم وتركزهم في الهند؟
هذا صحيح؛ فالإحصائيات الحكومية لها اعتبارات سياسية أيضًا، فهي دائمًا تقلل من عدد المسلمين، إشعارًا بأن المسلمين قليلون ضعفاء، بينما الإحصائيات الحرة تكشف أن المسلمين يشكلون 20% على الأقل، وسكان الهند نحو ألف وثلاثمائة مليون، وخُمُسها هو أكثر من 250 مليونًا، وهو العدد التقريبي لهم، والإحصائيات الحكومية تقول: إن المسلمين يشكلون 13% من بين السكان، وحسب هذه الإحصائيات هم نحو 200 مليون.
وأهم مناطق انتشار المسلمين في الهند: ولاية كشمير، وولاية كيرالا، وولاية أترابراديش، وولاية آسام، وولاية بيهار، وولاية مهاراشترا، ومدينة حيدر آباد، وجزيرة أندومان، ونكوبار التابعة للهند.
21 ـ هل يوجد اضطهاد حاليًّا للمسلمين في آسام أو كوجرات أو أحمد آباد؟
ليس الأمر كذلك، فالمسلمون في الهند كلها على حال واحدة، وبما أن المناطق المشار إليها قد احتدمت فيها النزاعات والاشتباكات مسبقًا؛ فالمسلمون فيها يشعرون بنوع من الذعر والخوف.
22 ـ ما موقف عَوامّ الهندوس والبوذيين والسيخ من المسلمين، ومدى التعايش بين المسلمين وغيرهم من الطوائف؟
قد ذكرتُ أن معظم الهندوس والبوذيين والسيخ يريدون التعايش السلمي، بل هم يتعايشون جيدًا؛ يتعاملون، ويتعاقدون ويتعاونون ويجتمعون، ويدعو بعضُهم بعضًا في مناسبات الفرح والترح، ويشاركون في هموم الآخرين، لا سيما في الآفات السماوية، يتناصرون فيما بينهم كالإخوة الأشقاء، وهذه صفحة ناصعة حتى الآن، إن 1% من الهندوس وغيرهم متعصب، يؤمنون بالعنصرية والتفريق، وبما أن هذه الشرذمة القليلة تعرقل المسير دائمًا، وتطلق شعارات خبيثة بين الفَينةِ والأخرى، يبدو أنهم كُثر، وليس الأمر كذلك.
والإعلام المزور يثير هذه الأمور، فيهول الصغير ويهون الكبير، ويفسد الجوَّ هدوءَه وأمنَه.
23 ـ ما مواقع الامتدادات الشيعية هناك، وما أعدادهم وتأثيرهم في أوساط المسلمين، أيضًا غيرهم من الفرق الضالة مثل: القاديانية والأغاخانية والبهرة، وما أعداد تلك الفرق؟
ليس لهم امتداد يُذكر، ولكنهم في حماس، ومستبشرون بالأحداث الجارية، وأذكر أن “داعش” إذْ فرضت نفسها على بعض مناطق العراق؛ أعلنت قيادة الشيعة في الهند إرسال بعثات تطوعية لمواجهة داعش، فتم توزيع الاستمارة في كافة الهند، وبلغني أن 20 ألفَ استمارة عُبِّئت في يوم واحد.
24 ـ ما واقع المسلمين الاقتصادي، وأين هو في الخارطة الاقتصادية الهندية؟
الهند تتطور اقتصاديًّا بشكل ملحوظ؛ لكن لم يطرأ أي تحسن اقتصادي على المسلمين، وقد كشف تقرير ساشار أن المسلمين مع كثرة عددهم في البلاد يسودهم البؤس والفقر، ونسبتهم في الدوائر الحكومية ضئيلة جدًّا، ومعظمهم يعيشون تحت خط الفقر، و65% وضعهم الاقتصادي سيئ جدًّا، ويزداد مع الأيام سوءًا، وكثيرًا ما تعيش الأسرة الكبيرة الكاملة بكسب رجل واحد منهم.
25 ـ أرجو إلقاء الضوء على الواقع الثقافي والدعوي والالتزام الديني في أوساط المسلمين.
أما الواقع الثقافي فهو سيئ للغاية، وأعيد هنا ما قلته سابقًا في إحدى الإجابات: إن دراسة اللجنة الحكومية أكدت أن الوضع التعليمي للمسلمين في الهند مصدرُ قلقٍ ومثارُ عجبٍ؛ فيقول التقرير: إن 88% من المسلمين يتوقف تعليمهم عند المرحلة الابتدائية أو قبل ذلك، والمعنى: أن 90% منهم جهلاء بالدين والدنيا معًا، والذين يتلقون التعليم في المدارس الحكومية نسبتهم 8% من المسلمين، بينما الذين يدرسون في المدارس الإسلامية هم 4%.
أما الواقع الدعوي، فالمعلوم أن الجماعة التبليغية منشؤها الهند، وهي ما زالت متحركة، ولكن كثرة الجهال في هذه الجماعة تجعلها لا تأتي بالثمار المرجوة، أما العلماء وطلبة العلوم الإسلامية، فهم يعملون في هذا المجال، ولكن الجهود أقل من اللازم، والحقيقة أن الهند أرض خصبة للدعوة الإسلامية، والتعايش السلمي بين المواطنين قد يكلل الدعوة بالنجاح المؤمَّل، ومن أجل ذلك؛ فإن من قام بالدعوة الإسلامية بتفانٍ وإخلاصٍ لقيت دعوته نجاحًا، وسببت هداية الكثير من الناس.
أما الالتزام الديني، فهو أحسن في الهند من كثير من دول الأقليات المسلمة، كما يقوله العلماء والمبصرون.
26 ـ هل توجد جهود في دعوة غير المسلمين للإسلام؟ وما مدى انتشارها؟
توجد جهود فردية، واشتُهر في هذا رجالٌ، منهم: الشيخ محمد كليم الصديقي، والدكتور ذاكر نائك وغيرهم، وكلها جهود فردية، حصدت النجاح والقبول بإذن الله، حسب إخلاص الداعي، وليس لها انتشار ملموس، والهند في حاجة إلى أن تكون هناك جهود دعوية جماعية لتخرج الناس من ظلمات الكفر إلى نور الإسلام، ومن ضيق الدنيا إلى سعتها، والأرض مهيأة والطريق ممهد؛ وإنما النقص في قلة السائرين في طريق الدعوة إلى الله. ولعل الله يحدث بعد ذلك أمرًا.
27 ـ كيف هو واقع المرأة الهندية المسلمة؟ أرجو منكم إلقاء الضوء عليه..
واقع المرأة المسلمة الهندية شهد بعض التحسن مؤخرًا، فكانت المرأة المسلمة قبل هذا لا تتعلم في المدارس والجامعات، ولا تتعلم صناعة ولا فنًّا مهنيًّا، وفي هذه الأيام زادت نسبة التعليم فيهن، وبدأت الاشتغال بالوظيفة الحكومية، ولكن مع هذا بقيت الحاجة إلى توعيتها وإبراز دورها الحيوي في المجتمع، وتوظيفها في المجال الدعوي والتربوي.
وإني إذ أدعو المرأة المسلمة إلى الاشتغال بالتعليم والوظائف، أؤكد على ألَّا تنسى المرأة دورها العظيم المنوط بكاهلها في بناء الأسرة والمجتمع، فلا يأتينَّ اشتغالها بعمل من الأعمال على حساب المسئوليات الأساسية الأخرى، وألَّا تفارق الحشمة والوقار في الملابس والسلوك.
المشاركة الحادية عشرة.. (الثانية) من: حبيب عثمان؛ عضو قسم الإعلام في “جبهة تحرير مورو الإسلامية” ـ الفلبين:
28 ـ هل بالإمكان ذكر نبذة لنا عن حادثة مسجد بابري الهندي؟
في 6 من ديسمبر عام 1992م، هَدَمَ جمعٌ حاشد من الهندوس المتعصبين المسجد الأثري التذكاري الشهير “المسجد البابري” على مرأًى ومسمع من العالم، وبمساعدةٍ خفيَّةٍ من الشرطة الهندية والحكومة الهندية، فكان أسود الأيام في تاريخ الهند المستقلة، وما كانت الحادثة حادثة هدم مسجد من المساجد، وإنما كانت كارثة عظيمة قوَّضت بنيان الدستور الهندي، وصدَّعت قصر التسامح والاحترام، وحرية الذات والدين، ولطَّخت جبين الهند بعارٍ لن يُغسل أبدًا.
إن من الدعايات المزورة التي يثيرها المتعصبون من الهندوس ـ وهم في هذه الأيام لهم جولة وصولة – أن الملوك المسلمين هدموا عددًا من المنادر (معابد الهندوس)، وأنشئوا على أنقاضها مساجد، وهي كذبة عظيمة لا صلة لها بالصدق والواقع والتاريخ، وزعموا أن المسجد البابري الذي بناه الملك “بابر”؛ مؤسس الإمبراطورية المغولية العظيمة في الهند، كان في الواقع معبدًا هندوسيًّا، وهو مولد الإله “راما”، فله مكانة عظيمة لدى الهندوس، وأثاروا ضجة كبيرة منذ عهد الاستعمار البريطاني، ورفعوا الأمر إلى المحكمة، وظلت المحكمة الهندية منذ عهد الاستعمار إلى يوم استشهاد المسجد في هرج ومرج، وكانت تقدم رِجلًا وتؤخر أخرى، وذلك نظرًا لحساسية الموضوع وأهميته البالغة لدى الفريقين، فأصدرت بين فينة وأخرى قوانين لا تخدم إلا المصالح الهندوسية، ومنها حظر المسلمين من الدخول في المسجد وممارسة العبادة فيه، ثم إغلاق المسجد لمدة مجهولة، ثم حظر التجوال في منطقة المسجد وغيرها.
ولكن الوحشيون المتعصبون الذين لا يؤمنون إلا بقانون الغاب رفضوا كل توجيهات المحكمة، وأعلنوا أنهم سيهدمون المسجد مهما كان، فمهدوا له العدة والأسباب، وكسبوا رجالًا يخدمونهم ويحققون غرضهم، وتجمعوا في المنطقة الممنوعة، وفي اليوم المذكور قاموا بهدم المسجد التاريخي الشهير.
أما الشرطة الهندية والحكومة الهندية فبقيت ساكتة سكوت المجرم المعترف بذنبه، وما تجرأت على اتخاذ خطوات حاسمة تردع المجرمين، وتنصف المسلمين المظلومين، والأعجب أن القيادة في المركز والولاية كانت لحزبين اشتُهرا بدعاية الوقوف بجانب المسلمين، فكان حزب المؤتمر هو الحزب الحاكم في المركز بقيادة السيد “نرسمهاراؤ” رئيس وزراء الهند سابقًا، وكان السيد “ملايم سانغ” حاكم ولاية يوبي، وهو يعد نفسه خادم المسلمين.
تلك هي الهند، وهذه سياستها، وثبت من جديد أن الاعتبارات السياسية وكسب الأصوات فوق كل قانون ودستور.