مسلمون حول العالم
نافذتك إلى أخبار الأقليات المسلمة

هذه رؤيتنا للارتقاء بتعليم “العربية”

وفقاً لمتخصصين في تدريس اللغة العربية لغير الناطقين بها في خمس دول

مانشيتات..

– هناك عزوف عن تعلم اللغة لأن الأبناء لن يستخدموها في حياتهم المستقبلية بمجتمعاتهم الغربية

– الأزمة تكمن في وجود إشكاليات كبيرة بمنظومة تدريس اللغة العربية لأبناء مسلمي الغرب

أكد متخصصون في تدريس اللغة العربية بخمس دول في ثلاث قارات أن تراجع إقبال أبناء الأقليات المسلمة على تعلم اللغة العربية لا ينحصر في عدم الاهتمام بها بقدر ما يكمن في إشكاليات تتعلق بمنظومة تدريس اللغة العربية في أوساط الأقليات المسلمة؛ سواء أكانت المهاجرة كما في الغرب، أم تلك الأقليات من السكان الأصليين في بلدانها، كمسلمي البلقان بأوروبا، والمسلمين بدول جنوب شرق آسيا.

خلال تصريحاتهم لـ”المجتمع”، طرح هؤلاء الفاعلون بدولهم في تعليم اللغة العربية توصيات مستقبلية يمكن أن تُحدث نقلة نوعية في الارتقاء بمستوى تدريس اللغة العربية لأبناء الأقليات والشعوب المسلمة حول العالم باعتبارها لغة الهوية والثقافة الإسلامية.

هناك العديد من الإشكاليات والتحديات التي تواجه تعليم اللغة الغربية في هذه البلدان، يأتي على رأسها حسب هؤلاء الخبراء والمعنيين:

البرازيل.. مربع التقصير:

من غرب الأطلسي، ومن أكبر دول بأمريكا الجنوبية، أكد الشيخ خالد تقي الدين، السكرتير العام للمجلس الأعلى للأئمة والشؤون الإسلامية في البرازيل، أنه يوجد كثير من التقصير في تعليم اللغة العربية وسط مسلمي البرازيل.

وأرجع الشيخ تقي الدين، الذي درّس اللغة العربية لأبناء الجالية المسلمة بالمدرسة الإسلامية البرازيلية في مدينة ساو باولو لستة أعوام، أسباب هذا التقصير إلى العوامل التالية:

الشيخ خالد تقي الدين، السكرتير العام للمجلس الأعلى للأئمة والشؤون الإسلامية في البرازيل
الشيخ خالد تقي الدين، السكرتير العام للمجلس الأعلى للأئمة والشؤون الإسلامية في البرازيل

أولاً: تقصير داخل البيوت التي هي المحضن الأول لتعليم الأطفال اللغة العربية، ويعود ذلك لكون أحد الوالدين لا يتكلم اللغة العربية؛ مما يجعل لغة البلد التي يعيش فيها المغترب هي اللغة الأساسية داخل البيت، وهنا تكمن الصعوبة في تعلم اللغة مستقبلاً.

ثانياً: قلة الاهتمام بتعلم اللغة العربية نظراً لأن الأبناء لن يستخدموها في حياتهم المستقبلية بمجتمعاتهم الغربية.

ثالثاً: قلة وندرة المدارس العربية أو المراكز التي تعنى بتعليم اللغة العربية.

رابعاً: قلة البرامج والمدرسين المؤهلين لتعليم اللغة للناطقين بغيرها في مجتمع لا يتكلم العربية.

رابعاً: عزوف الكثير من المدرسين للعمل بتعليم اللغة العربية نظراً لضعف الرواتب المالية واتجاههم للعمل التجاري.

بريطانيا.. إشكاليات التدريس:

ومن شرق الأطلسي، أوضحت الداعية لانة الصميدعي، أستاذة القرآن والتفسير وعلوم الدين بعدة مساجد في بريطانيا، أنه في قضية اهتمام الأسرة المسلمة في الغرب بتعليم أبنائها اللغة العربية هناك شريحتان؛ فبينما نجد الاهتمام عند بعض العوائل، نلاحظ التقصير وعدم المبالاة عند البعض الآخر.

ودللت على اهتمام الشريحة الأولى من العوائل بتعليم أبنائها للغة العربية، باكتظاظ مدارس تعليم اللغة العربية بالطلاب لدرجة اضطرت معها إدارات تلك المدارس لعمل قوائم انتظار لعدم وجود أماكن كافية بها.

الداعية لانة الصميدعي، أستاذة القرآن والتفسير وعلوم الدين بعدة مساجد في بريطانيا
الداعية لانة الصميدعي، أستاذة القرآن والتفسير وعلوم الدين بعدة مساجد في بريطانيا

أما بالنسبة للشريحة الثانية من العوائل غير المهتمة بتعليم أبنائها اللغة العربية، فلفتت إلى أن ذلك راجع لقناعتها بعدم جدوى اللغة العربية في المجتمع الغربي، منتقدة موقف تلك العائلات، ومحذرة من أن الخطورة لا تكمن فقط في إهمال لغة، بقدر كونها إهمالاً لهوية أبنائهم؛ وهو ما يسفر لاحقاً عن ذوبانهم في المجتمع الغربي.

وأكدت الداعية الصميدعي، وهي فاعلة بعدد من المؤسسات والمراكز الإسلامية في بريطانيا، أن الأزمة في تعليم العربية لا تنحصر في الاهتمام بقدر ما تكمن في وجود إشكاليات كبيرة بمنظومة تدريس اللغة العربية لأبناء مسلمي الغرب.

وتطرقت لأبرز هذه الإشكاليات، موضحة أن أولى هذه الإشكاليات تتعلق بالمعلمات؛ حيث إن بعضهن متطوعات لم يسبق لهن التدريس من قبل، لذا تنقصهن مهارات تدريس اللغة العربية.

بينما تتعلق الإشكالية الثانية بشريحة الطالبات أنفسهن؛ حيث تأتي مواعيد مدارس تعليم اللغة العربية في العطلة الأسبوعية؛ وهو ما يجعل هناك عبئاً وضغوطاً على الطلاب في مواصلة الدراسة دون أخذ فرصة للراحة والخروج، داعية إلى ضرورة تفعيل مبدأ التحفيز والتشجيع من قبل العائلات لأبنائهم حتى يواصلوا دراستهم للعربية بهذه المدارس.

الدنمارك.. مثلث الأزمة:

ومن الدنمارك، أوضح الخبير التربوي د. محمد مطلق، رئيس بيت الضاد لتطوير طرق تعليم العربية في إسكندنافيا، بأن التقصير في تعليم العربية لأبناء المسلمين في المهجر ناتج عن بضعة عوامل وصفها بالمثلث الآتي:

الخبير التربوي د. محمد مطلق، رئيس بيت الضاد لتطوير طرق تعليم العربية في إسكندنافيا
الخبير التربوي د. محمد مطلق، رئيس بيت الضاد لتطوير طرق تعليم العربية في إسكندنافيا

1- المعلم: فتعليم العربية لأهلها يختلف عن تعليمها لغير أهلها، فأهل اللغة يكتسبونها في صغرهم ثم يذهبون إلى المدرسة لتعلم القراءة والكتابة، أما العجم فهم لا يكتسبون اللغة العربية في صغرهم بل يتعلمونها بعناصرها ومهاراتها في الفصول التعليمية، وهذا بدوره يحتم علينا تقديم المعلم المؤهل والمؤطر تربوياً وأكاديمياً في مجال تعليم العربية لغير الناطقين بها كي نحصل على مخرجات تعليمية مرضية، وإذا دققت النظر في طريقة معظم المعلمين المكلفين بتعليم العربية لغير أهلها في البلاد غير العربية تجد أنه بعيد كل البعد عن أساليب وطرائق تعليم العربية لغير أهلها، وأنه يعلّم العربية كما تعلمها من معلمه، أو يعلمها بطريقة النحو والترجمة بأسلوب ممل ومتعب، وهذا الأمر يجعل الطلبة راغبين عن العربية وتعلمها.

2- المقرر: الكثير من المدارس ما زالت تُعلّم مقررات مستوردة من بيئات لا تمثّل بيئة المتعلم المحلية، وهذا تقليل من شأن المتعلم حيث لا يربطه بواقع يعيشه، كما أن بعض المدارس تعلم العربية بإعطاء المتعلمين أوراقاً مصوّرة بالأبيض والأسود؛ مما يسوّد عليهم الجو التعليمي، وبعضها تعتمد المقررات ثنائية اللغة.

3- وحسب نظرية «الصف المقلوب أو المعكوس»، لم يعد لولي الأمر الأعجمي أي عذر يتحجج به، كقوله: «أنا لا أفهم العربية ولم أتعلمها، وما أريده منكم تعليم ابني قراءة القرآن فقط»، ويغيب عن ذهنه أن تعليم الإيمان يُقدّم على تعليم القرآن، وأن بلاغة القرآن لا تكتمل إلا بالعربية، لقد تم بفضل الله تعالى تأليف بعض المناهج الورقية – الرقمية والمعنية بتعليم العربية لغير أهلها على نحو عصري يعكس بيئة المتعلم، وهي مزوّدة بأقراص تفاعلية مضغوطة تُرجمت المطالب والإرشادات فيها إلى عشر لغات عالمية مختلفة، وما على ولي الأمر إلا أن يجلس إلى جانب ابنه يشاركه في التعلم ويشجعه عليه، وذلك مدة لا تقل عن 20 دقيقة لمدة ثلاثة أيام في الأسبوع، فيأتي المتعلم إلى حصة العربية وقد فهم نسبة من الدرس لا تقل عن 55%، مما يُسهل على المعلم ويوفّر عليه الوقت والجهد.

مقدونيا.. محاربة الهوية والعربية:

وإلى جنوب شرق أوروبا (البلقان)، وحول واقع تعليم اللغة العربية في أوساط الشعب الألباني (7 ملايين نسمة) الذي يعيش بعدة دول في غرب البلقان، أكد الشيخ صباح الدين محمودي، رئيس جمعية «المركز الثقافي القلم» في مقدونيا، بأنه تم القضاء على تعليم اللغة العربية خلال قرن وتحديداً منذ سقوط الدولة العثمانية وانسحابها من منطقة البلقان.

الشيخ صباح الدين محمودي، رئيس جمعية «المركز الثقافي القلم» في مقدونيا
الشيخ صباح الدين محمودي، رئيس جمعية «المركز الثقافي القلم» في مقدونيا

ولفت الشيخ محمودي، الذي كان أول مدير للمدرسة الإسلامية المتوسطة «عيسى بك» في سكوبيا، التابعة للمشيخة الإسلامية في مقدونيا، إلى أنه بعد انسحاب الدولة العثمانية من البلقان تكونت دول جديدة غير إسلامية مثل بلغاريا وصربيا، حيث نظرت للمسلمين في بلدانها نظرة عدم ارتياح دفعتها لاضطهادهم ومحاربة كل ما يتعلق بهويتهم الإسلامية ومن بينها اللغة العربية، وهو ما أدى لاندثارها في أوساط مسلمي البلقان.

ووفق هذه الأحداث التاريخية الدامية، أكد الشيخ محمودي أن التقصير في تعليم اللغة العربية في أوساط أكبر شعبين مسلمين في البلقان، وهما الألباني والبوسني، كان سببه سياسياً محضاً، حيث حاربت الأنظمة الحاكمة بدول البلقان كافة المظاهر الإسلامية ومنعت بالقوة تعليم وتدريس اللغة العربية.

وتابع: كانت نتيجة هذه الحقبة التي اتسمت بالشيوعية في المنطقة أن نشأ جيل كامل يجهل اللغة العربية، مشيراً إلى أن الذين حفظوا القرآن الكريم لإقامة الصلاة تعلموها بالأحرف اللاتينية أو عبر التعليم الشفوي.

كما اعتبر أن الدول العربية مقصرة في دعم تعليم اللغة العربية بدول البلقان، خاصة بعد سقوط الأنظمة الشيوعية بها وانفتاحها على دول العالم، وهو ما سمح ببعض الطلاب لا يزيد عددهم على العشرات بالذهاب إلى الجامعات الإسلامية، ولكن ينقصهم مهارات تدريس العربية لطلابهم في بلدانهم.

ماليزيا.. ستة أسباب:

ومن جنوب شرق أوروبا إلى جنوب شرق آسيا، حيث تعيش أقليات وشعوب مسلمة على أراضيها منذ مئات السنين، أرجع المحاضر بجامعة البخاري ولاية قدح الماليزية جمال مصطفى البيومي، وصاحب مركز مبين لخدمة القرآن الكريم واللغة العربية تدريساً وتدقيقاً وترجمة في ماليزيا، أسباب التقصير في تعليم وتدريس اللغة العربية إلى ستة أسباب، هي:

1- أن الكليات المتخصصة في تخريج معلمي اللغة العربية لا تهتم بتخريج معلمين لديهم مهارة تعليم اللغة العربية للناطقين بغيرها، حيث إن تعليم اللغة العربية للناطقين بها تختلف تماماً عن مهارات تعليم اللغة العربية للناطقين بغيرها، ولهذا لا نرى خريجين من كليات دار العلوم أو الأزهر الشريف أو غيرها من الكليات المتخصصة تهتم بهذا الأمر؛ ولهذا نجد أن من يقومون بتعليم غير العرب ليسوا متخصصين في هذه النقطة، فضلاً عن أن يكونوا من غير المتخصصين في تدريس اللغة العربية أصلاً، ويظل الدارسون حقل تجارب بيد غير المؤهلين.

2- الكتب الموجودة على الساحة نادرة وقليلة، وليست موجهة للفئة المستهدفة؛ ولهذا لا تنطلق من المشتركات اللفظية والقواعد القريبة بين لغة الدارس الأصلية واللغة العربية، ولا تعالج الصعوبات الخاصة بالدارسين، ومما لا شك فيه، فإن الصعوبات التي تقابل الدارس الياباني تختلف عن الدارس الإندونيسي عن الألباني والأوروبي والأفريقي؛ ولهذا يجب الاهتمام بتأليف المناهج الموجهة مباشرة إلى الدارس نفسه، كذلك فإن كثيراً من المناهج الموجودة على الساحة لا تراعي الفروق الكبيرة بين تعليم اللغة العربية في بيئتها وتعليمها في غير بيئتها، من حيث اختيار المضمون والألفاظ والعبارات والأصوات والمفردات.

3- هناك ضعف شديد في المواد السمعية والبرامج الحوارية والأفلام القصيرة وأفلام الرسوم المتحركة التي تخدم تعليم اللغة العربية للناطقين بغيرها، ولهذا نجد بعض الدارسين لا تتحرك شفاههم باللغة العربية رغم طول فترة دراستهم؛ لأنهم في النهاية يتعلمون عن اللغة العربية ولا يتعلمون اللغة العربية، والفرق والبون شاسع بين الأمرين؛ ولهذا لا يمارسون اللغة العربية استماعاً وتحدثاً، بل يمارسونها –إن مارسوها– قراءة وكتابة فقط.

4- كثير من الأقليات يحتاجون اللغة العربية من أجل تعلم القرآن الكريم وفهمه، لكن معظم الكتب الموجودة على الساحة والبرامج لا تهتم بهذا الغرض بالشكل الصحيح أو الكافي.

5- يختار البعض تعليم اللغة العربية عن طريق لغة وسيطة، وقد يكون هذا الأمر أسرع في إيصال المعلومة، لكنه أسرع كذلك في فقدها، ولهذا فالدارس الذي يتعب ويبذل الجهد أكثر في الوصول إلى المعنى والجملة الصحيحة يكون أكثر قدرة على استخدامها والاحتفاظ بها، وهذا لا يمنع من أهمية معرفة اللغة الوسيطة دون استخدامها إلا في حالتين؛ الأولى للتواصل الإنساني، والثانية لتأكيد الفهم.

6- الاكتفاء بتدريس اللغة العربية للأقليات عن طريق المسجد والجمعية الخيرية دون وجود مراكز متخصصة يؤدي إلى قلة دافعية الدارسين، واستشعار صعوبة تعلم اللغة العربية؛ ولهذا يشيع بين دارسي اللغة العربية عبارة أن تعلم اللغة العربية شديد الصعوبة، وهذه عبارة غير صحيحة بالمرة؛ لأن اللغة العربية لغة ذات قواعد، وهذا يجعلها أسهل وأيسر في تعلمها من غيرها من اللغات (يستطيع دارس اللغة العربية أن يجيد اللغة العربية بنسبة أكثر من 60% من خلال دراستها بشكل مكثف لمدة من 4 – 6 شهور متواصلة، ويمارسها كلغة يومية بعد أقل من 3 شهور).

توصيات علاجية

وبعد الوقوف على الواقع وتحدياته، وضع هؤلاء الخبراء توصيات ومقترحات علاجية للارتقاء بتعليم اللغة العربية لأبناء الأقليات:

البرازيل.. دور للعالم الإسلامي:

وفي رسالة توضح أهمية دعم العالم الإسلامي كمؤسسات وحكومات للأقليات المسلمة في جهودها لترسيخ هويتها الإسلامية وتعليم أبنائها اللغة العربية، قدم الشيخ خالد تقي الدين أربع توصيات مستقبلية مهمة، وهي:

1- يجب أن تكون هناك مؤسسات خارجية قوية تتبنى تشجيع ودعم الجاليات المسلمة لبناء المدارس، وتزويدهم بالمدرسين المؤهلين لتعليم اللغة، وتأمين المناهج اللازمة لذلك.

2- إقامة ملتقيات في البلاد العربية لشباب الجاليات المسلمة خلال العطلات الصيفية، تكون فيها برامج مدروسة بعناية للرقي بالعملية التعليمية.

3- تأهيل المدارس الموجودة حالياً في تلك المجتمعات من خلال البرامج التدريبية المستمرة.

4- تأسيس قناة فضائية عالمية لتعليم اللغة العربية لغير الناطقين بها.

بريطانيا.. ثلاثة مسارات:

من جانبها، دعت الداعية لانة الصميدعي، التي تمحورت رسالتها للماجستير 2017/ 2018م حول التحديات التي تواجه الأسرة المسلمة في الغرب، ومن بينها تحدي اللغة العربية، لتركيز العمل في ثلاثة مسارات للارتقاء بمستوى الأداء في تعليم العربية في بريطانيا، وهي:

– المسار الأول: وهو منوط بالعائلات لبذل جهود في توعية أبنائها بأهمية تعلم اللغة العربية، لأنه من الطبيعي انصراف الأبناء في الغرب عن مدارس اللغة العربية؛ لأنها تأتي على حساب عطلته الأسبوعية، وهو ما يستلزم تعويض الراحة لهم من خلال حافز مشجع لاستمرارهم بتلك المدارس.

– المسار الثاني: يتمثل في الاهتمام بشريحة «المعلمات المتطوعات»، عبر إعطائهن دورات في مهارات تدريس اللغة العربية بشكل خاص، من بينها الرسم الإملائي والنحو، بجانب مهارات التدريس بشكل عام؛ حرصاً على تفادي أي أخطاء منهن خلال العملية التعليمية؛ وهو ما يؤثر على نظرة الطلاب للمعلمة.

– المسار الثالث: يتعلق بالمؤسسات التعليمية، من خلال العمل على زيادة مدارس اللغة العربية في نهاية الأسبوع لعدم وجود أماكن كافية لاستيعاب كافة المقبلين عليها؛ مما قد يصرف بعض الآباء عن تعليم أبنائهم العربية بشكل دائم بسبب قلة الأماكن.

الدنمارك.. مثلث النجاح:

وعبر إشرافه على تأطير ما يزيد على 1200 معلم ومعلمة في العديد من دول العالم، شدد د. محمد مطلق على أهمية التركيز على مثلث النجاح في العملية التعليمية للغة العربية، على النحو التالي:

1- المعلم:

أ- التخلص من قناعاته التعليمية الموروثة، وهذا ما أكده سيدنا علي رضي الله عنه: «لا تقصروا أخلاقكم على أولادكم فإنهم مخلوقون لزمن غير زمنكم».

ب- تطوير الذات من خلال متابعة الدورات المهتمة بطرائق تعليم العربية لغير الناطقين بها مباشرة أو عبر الإنترنت.

جـ- مواكبة الحداثة المتعلقة بالأساليب والوسائل التربوية الحديثة التي تجعل المتعلم محور العملية التعليمية، والمعلم هو المرشد والموجه وليس الملقن للمعلومات.

2- اعتماد المناهج الورقية الرقمية المعدّة أصلاً في بيئات غير عربية، التي ترتبط بحاجات المتعلم وتنشطه وتحفزه وتشجعه على تعلم العربية.

3- ضرورة توعية أولياء الأمور بإعطاء العربية نصيبها في البيوت، من خلال الاستماع للأقراص المرافقة للمناهج الحديثة في تعليم العربية لغير أهلها، أو من خلال متابعة بعض المحطات الهادفة والناطقة بالعربية الفصيحة.

مقدونيا.. تفعيل البرامج والحوافز:

ولجذب اهتمام أبناء مسلمي البلقان بتعلم اللغة العربية، طرح الشيخ صباح الدين محمودي ثلاثة أمور شدد على أهميتهما، هي:

1- إعداد برامج تعليمية مع كتب وصوتيات ميسرة ومعاصرة لغير الناطقين بها، مع شرح وتوضيحات بلغة الأقلية، حتى يتمكن الطالب من قراءتها وفهمها لتكون جذابة للطالب.

2- تنظيم دوريات لتعليم اللغة على مستويات مختلفة، ابتداء من القراءة إلى الفهم والتحدث بالعربية، ولتحقيق هذا لا بد من دعم مادي، إذ بغير هذا الدعم ليس هنا أقلية تستطيع وحدها وبنفسها أن تفعل شيئاً في هذا السبيل.

3- توضيح المصلحة من تعليم اللغة العربية للشباب، فالمصلحة هنا تكون معنوية ومادية، فالمعنوية إذا كان الطالب الملتزم بمبادئ الإسلام وقراءة القرآن قد يرغب إلى فهم القرآن، ويكون ذلك سبباً في تعليم اللغة العربية؛ أي تعليم اللغة العربية من بوابة المحبة للإسلام والقرآن وهذه المصلحة موجودة نسبياً.

أما المصلحة المادية -وهذه غير موجودة حالياً- وهي أن يتعلم اللغة العربية للتعامل مع العالم العربي لأغراض مادية مختلفة تماماً كما يتعلمون اللغة الإنجليزية، وهذ يحتاج إلى تغيير ملحوظ في الوضع السياسي والاجتماعي والثقافي والسياحي والاقتصادي في الدول الناطقة بالعربية، حتى تفتح المجال لمن يريد التعامل في شيء من هذه المجالات فيرغب في تعليم اللغة العربية.

ماليزيا.. سبع توصيات:

ومن خلال تدريسه لأكثر من 4 آلاف طالب من أكثر من 90 دولة؛ إضافة لتخصصه في إعداد معلمي اللغة العربية للناطقين بغيرها، وضع المحاضر بالجامعات الماليزية جمال مصطفى البيومي رؤية مستقبلية لتحسين مستوى تدريس اللغة العربية تتركز على سبع توصيات، هي:

1- وجود مراكز متخصصة يعمل بها متخصصون حاصلون على دورات تعليم اللغة العربية للناطقين بغيرها، ولديهم خبرات في هذا المجال.

2- الاهتمام بوضع مناهج وتأليف كتب متخصصة لأبناء كل أقلية من الأقليات المسلمة تناسب واقعها وثقافتها.

3- التركيز على مهارتي الاستماع والتحدث بنسبة لا تقل عن 70% من العملية التعليمية.

4- افتتاح مدارس ومعاهد بنظام الإقامة الداخلية يشرف عليها متخصصون وخبراء، ولا تستخدم فيها إلا اللغة العربية، ليتخرج الدارس خلال سنة وقد أصبح ممارساً للغة العربية، على أن يتم صناعة بيئة مشابهة للبيئة العربية يمارس فيها الدارس اللغة العربية.

5- اختيار مجموعات من الطلاب الفائقين أو الدارسين البارعين ليتموا دراستهم في إحدى الدول العربية، وعلى يد خبراء في تلك الدول، ليكونوا نواة لمعلمي اللغة العربية يساعدون في نشر اللغة حين يعودون إلى بلادهم وتحت إشراف خبراء عرب.

6- وجود قناة فضائية أو قناة على «اليوتيوب» مختصة باللغة العربية وتعليمها على مدار الساعة، والاهتمام بإنشاء مواقع تعليم عن بُعد ليلتحق بها أكبر قدر ممكن من الدارسين.

7- المؤسسات الخيرية التي تهتم بإطعام الأقليات المسلمة يجب أن تهتم كذلك وبالتوازي مع تعليمهم، وإنشاء الصروح التعليمية من أجلهم على أن يوكل الأمر للمتخصصين.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المجتمع ـ 19 فبراير 2018 ـ هاني صلاح

 

التخطي إلى شريط الأدوات