مسلمون حول العالم ـ خاص ـ حوار: هاني صلاح
أكدت “واجدة بنياكو” مسؤولة قسم النساء في المشيخة الإسلامية في دولة كوسوفا، أن دور المرأة المسلمة خاصة في السنوات الأخيرة “في توسع وانتشار متواصل”، مشددة على أهمية هذا الدور وضرورة تقديره؛ خاصة أنه يؤثر على حاضر ومستقبل المجتمع أجمعه.
جاء ذلك في حوار خاص لها مع موقع “مسلمون حول العالم“..
وإلى الحوار..
المحور الأول: التعريف بضيفة الحوار
ـ في بداية حوارنا، نود نبذة تعريفية عنكم..
ـ اسمي “واجدة بنياكو”، ولدت في 18 مارس 1980م، في قرية “دوموش”، بمحافظة “بوديفيا” شمال شرق كوسوفا.
ـ أنهيت المدرسة الابتدائية في مسقط رأسي، ثم واصلت دراستي الثانوية في مدرسة “علاء الدين” الإسلامية التابعة للمشيخة الإسلامية في العاصمة بريشتينا.
ـ أنهيت دراستي الجامعية في جامعة الزرقاء بالأردن تخصص الفقه الإسلامي عام 2007م، ولاحقًا حصلت على الماجستير في كلية اليرموك – إربد بالأردن عام 2011م.
ـ خلال الأعوام الدراسية 2012–2016، عملت أستاذًا بكلية الدراسات الإسلامية في بريشتينا، حيث قمت بتدريس مادتي “فقه العبادات” و”قانون الأسرة المسلمة”.
ـ في عام 2011م التحقت بقسم المرأة في المشيخة الإسلامية، وحتى اليوم أتولى مسؤولية القسم. ومنذ ذلك الوقت شاركت في العديد من الأنشطة والفعاليات الدينية والثقافية، مثل المؤتمرات والطاولات المستديرة والندوات العلمية وورش التدريب وغيرها.
المحور الثاني: التجربة الدعوية الخاصة
ـ كيف بدأتم مسيرتكم التعليمية والدعوية؟ وما هي أبرز محطاتها؟ وما أبرز الدروس المستفادة؟
ـ حقيقة هناك أربعة أمور أو قل محطات رئيسية، زرعت في قلبي حب الإسلام منذ الطفولة، ثم أثرت في مسيرتي التعليمية والدعوية لاحقًا، وهي:
ـ الأولى.. الأسرة: حيث إنني أنحدر من عائلة متدنية ملتزمة بالإسلام، وكان لهذا تأثير عميق في نشأتي الأولى قبل المدرسة الابتدائية.
ـ الثانية.. المسجد: فمنذ أن كنت في المدرسة الابتدائية بدأت في الانتظام في دروس عن أساسيات الإسلام في مسجد قريتنا، فكانت فرصة للتعرف على التعاليم الأساسية للدين الإسلامي.
ـ الثالثة.. مدرسة “علاء الدين”: ومثلت انطلاقتي الكبيرة التي أثرت على كافة مراحل حياتي اللاحقة، وكانت من توفيق الله تعالى لي ولكثير من الطالبات المسلمات مثلي؛ حيث وافق إنهائي للمرحلة الابتدائية عام 1997م افتتاح -ولأول مرة- فرع للطالبات بمدرسة “علاء الدين” الثانوية الإسلامية والتابعة للمشيخة الإسلامية في العاصمة بريشتينا، وعندما تقدمت للالتحاق بها تم قبولي فيها وأصبحت ضمن أول دفعة من الطالبات يدرسن بهذه المدرسة، وهي الوحيدة في كوسوفا التي تدرس المواد الدينية بجانب المواد العلمية.
ـ وهكذا تفاعل “الدافع الذاتي” بداخلنا في تعلم الإسلام مع هذه “الفرصة” التي أتيحت لنا لدراسة علوم الإسلام؛ مما ولد لدينا شعورًا بالمسؤولية تجاه من لم يحظ بهذه الفرصة مثلنا، سواء الفتيات الصغار أو حتى النساء الكبار، هذا الشعور دفعنا كي نستعد مستقبلًا لنقوم بدورنا في تعليم الإسلام لغيرنا كما قام هؤلاء المعلمون بتعليمنا الإسلام خلال سنوات الدراسة الثانوية.
ـ الرابعة.. “المشيخة الإسلامية”: منذ أن تخرجنا من مدرسة “علاء الدين” كأول جيل للفتيات في كوسوفا؛ حظينا بدعم لا مُتناهٍ من مؤسسات المشيخة، وفُتحت لنا الأبواب كي نكون ناشطين بقسم “المرأة” بالمشيخة، ومن خلاله بدأت مسيرتنا الدعوية والتعليمية في أوساط المرأة والأسرة والمجتمع في كوسوفا، وكان هدفنا الارتقاء والنهوض بواقع المرأة على أسس سليمة صحيحة منبثقة من تعاليم إسلامنا العظيم الذي يحقق الخير ويجلب السعادة للجميع.
ـ أما بالنسبة للدروس المستفادة، فهي من صميم هذه المحطات، وأعني أهمية دور الأسرة في تنشئة الأبناء، ثم دور المسجد في التثقيف المبدئي، ثم دور المدرسة في التعليم والتوجيه، وأخيرًا دور المؤسسات الإسلامية الدعوية في فتح أبواب المشاركة للمرأة المسلمة كي تقود بنفسها المشاريع النسائية المجتمعية وتشارك في إيجاد الحلول المستعصية في المجتمع.
المحور الثالث: التعريف بقسم المرأة
ـ نود نبذة تعريفية بقسم المرأة.. وما هي المهام التي يقوم بها؟
ـ على الرغم من أن الدين الإسلامي يعطي أهمية كبيرة للمرأة، ويمنحها مكانة عالية في المجتمع، من خلال منحها المساواة والحرية والحق في التربية والتعليم والميراث وما إلى ذلك، إلا أنه من الضروري كذلك رؤية دور المرأة في المجتمع، وإمكانية الحركة والمشاركة من أجل التغيير الإيجابي في المجتمع المسلم. وفي سياق هذه الرؤية تم إنشاء “قسم المرأة” من المشيخة الإسلامية عام 2005م، وهو مكرس للنهوض بالحياة الدينية للمرأة في كوسوفا.
ـ وقسم المرأة، وبصرف النظر عن الغرض الرئيسي من تأسيسه، والمتمثل في تدريس الدين الإسلامي للفتيات والنساء؛ هذا القسم يشتمل أيضًا على العديد من الأنشطة المختلفة بجانب الدينية والثقافية، مثل الخيرية والإنسانية والاجتماعية والترفيهية والوطنية، والتي تتم عبر فعاليات متنوعة، مثل المؤتمرات والندوات العلمية والثقافية، والاجتماعات واللقاءات الرسمية مع مؤسسات وطنية ودولية، كذلك تنظيم الاحتفالات الدينية والوطنية كذلك، هذا بجانب الدورات التدريبية، وغيرها كثير.
ـ لقسم المرأة بالمشيخة الإسلامية في دولة كوسوفا تجربة مميزة؛ حيث إن أقسام المرأة بإدارات إفتاء محافظات كوسوفا تزخر بالعديد من الأنشطة والفعاليات.. كيف حققتم هذا النجاح؟
ـ بالإشارة لمبدأ أن على المرأة المسلمة واجب الدعوة إلى الإسلام، وانطلاقًا من تأسيس القسم النسائي في المشيخة الإسلامية في كوسوفا، بهدف تمكين المرأة من أن تكون فاعلة في المجتمع، كان لابد من التوسع والانتشار في كافة المحافظات والمدن بهدف تحقيق هذه المهمة، ومن خلال معلمات حصلن على قدر واسع من الثقافة والعلوم الدينية والإسلامية.
ـ وفي ضوء ذلك؛ تم افتتاح قسم المرأة في كافة إدارات الإفتاء الفرعية بالمحافظات في كوسوفا، حيث تقوم المسؤولات عن القسم بتنظيم الكورسات الدينية في المساجد والأنشطة الثقافية وغيرها خارجها.
ومن وقت لآخر نقوم بعقد الاجتماعات، وتنظيم ورش العمل، والقيام بزيارات لرؤية الأنشطة الدعوية والتعليمية على أرض الواقع، وتقييم النتائج التي تحققت.
ـ لكن أود الإشارة إلى أن أكبر عوامل نجاحنا هي روح المحبة التي تسود في عملنا، وتظلل أنشطتنا، والتي تنبع من الشعور بأننا فريق واحد يتعاون معًا على الخير والدعوة إلى الله.
ـ من يشارك معكم في تنفيذ الأنشطة الدعوية والتعليمية وغيرها.. هل فقط أعضاء أقسام المرأة في المدن المختلفة، أم أن المساهمة والمشاركة في كافة هذه الأنشطة مفتوحة لجميع النساء؟
ـ تختلف طبيعة أنشطتنا باختلاف الطريقة التي ننظمها بها. بالنسبة لأنشطة تعليم الإسلام في المساجد فهي مفتوحة للجميع، ويمكن لأي شخص أن يشارك فيها من النساء والفتيات والأطفال الصغار.
ـ أما بالنسبة للأنشطة والفعاليات المتخصصة؛ فتتم وفقًا للهدف منها، فقد تكون مفتوحة للجميع أو لشريحة محددة، أو مغلقة فقط على نشاطات قسم المرأة.
ـ ولكن في أنشطتنا بشكل عام تشارك كثير من الشرائح النسائية في المجتمع من مؤسسات المجتمع المدني، ونساء ذات مناصب رسمية في الدولة، مثل: نواب، أو مديرات، أستاذة، طبيبات، ضابطات شرطة، وغيرهن من مختلف شرائح المجتمع.
المحور الرابع: واقع المرأة المسلمة في كوسوفا
ـ في السنوات الماضية، تطورت مشاركة المرأة المسلمة في المجتمع الكوسوفي بشكل غير مسبوق وفي مجالات كثيرة متعددة.. كيف تفسرون ذلك؟ وكيف ترون وتقيّمون دور المرأة الحالي؟
ـ الفضل الأول للدين الإسلامي الذي يحث الجميع على القيام بدوره تجاه مجتمعه؛ فالدين أسمى شرف من الله لكل مجتمع أو فرد.
ـ ثم يعود الفضل بعد ذلك لإدارة المشيخة الإسلامية في كوسوفا التي دعمت –ولا تزال- كافة الأنشطة النسائية الإسلامية، وكان أثر ذلك توسع تلك الأنشطة وتحقيق نتائج كبيرة ملموسة على مستوى المرأة المسلمة في مختلف المحافظات، وكذلك في مختلف المجالات. كذلك لا ننسى الإشارة لبرامج تدريب متخصصة لمعلمات قسم المرأة، والتي تتم بشكل متواصل.
ـ دور المرأة المسلمة خاصة في السنوات الأخيرة في توسع وانتشار متواصل؛ لذلك فالدور الذي تنهض به المرأة المسلمة في كوسوفا، والآثار والنتائج الإيجابية المترتبة عليه، يعكس بوضوح أهمية هذا الدور، وضرورة مشاركة المرأة في النهوض بمجتمعها وتطويره، وأيضًا أهمية تقديره ودعمه من المؤسسات والجهات المعنية.
المحور الخامس: التحديات والعقبات
ـ ما أبرز العقبات التي تواجهها المرأة المسلمة خلال مشاركتها المجتمعية؟
ـ كما هو الحال في أي بلد، هناك صعوبات تواجهها النساء بشكل عام خلال عملها، من بينها ضعف الدعم المؤسسي لها بشكل أقل من الرجل، ولا سيما إذا كانت المرأة محجبة، فالنساء المحجبات ما زلن يتعرضن للتمييز في العمل، وقد يتم إعاقتهن عن الدراسة بسبب ارتدائهن للحجاب.
المحور السادس: النجاحات والإنجازات
ـ وماذا عن النجاحات التي حققها قسم المرأة بالمشيخة الإسلامية في كوسوفا؟
ـ على مستوى قسم النساء في المشيخة الإسلامية، أكبر نجاح تم تحقيقه يتمثل في الآتي:
الأول: التوسع في تأسيس فروع لقسم النساء في المدن والمحافظات المختلفة في كوسوفا، والذي أثمر كذلك زيادة في عدد العاملين فيه والملتحقين به من الداعيات والمعلمات، وهو ما أسفر أيضًا عن زيادة أعداد المقبلين على تعلم الإسلام في دورات المساجد والأنشطة الدينية والثقافية خارج المساجد كذلك.
الثاني: تمكنا من تحقيق تعاون أفضل وأوثق مع المؤسسات المختلفة، سواء الحكومية أو المدنية؛ مما سهل علينا التعاون معهم في تنفيذ مشروعات اجتماعية وخيرية وإنسانية لصالح المجتمع الكوسوفي.
المحور السابع: رسائل عامة
ـ وفي ختام حوارنا.. هل تودون إرسال رسالة لجهات معينة عبر موقع “مسلمون حول العالم”؟
ـ أتمنى أن مستقبل المرأة بشكل خاص ومستقبل المسلمين بشكل عام أفضل دائمًا، وأتمنى أن تحصل المرأة المسلمة على المكانة اتي تستحقها، سواء في أوساط أسرتها أو بيئة عملها أو داخل مجتمعها، وأن يتم تقدير دورها الهام والمؤثر في حاضر ومستقبل المجتمع.
ـ أشدد على أن مساهمة المرأة في بناء أسرتها وتطوير مجتمعها ضرورية جدًا لتربية وتثقيف الأجيال القادمة على أسس سليمة؛ لذلك أتمنى أن تتاح للنساء في كل مكان فرص المساهمة المجتمعية، وأن يحققن النجاح في دورهن الهام في بلادهن.
ـ صور من أنشطة قسم المرأة المسلمة التابع للمشيخة الإسلامية في كوسوفا:
ـ روابط ذات صلة:
ـ كوسوفا.. المشيخة الإسلامية تنظم دورات تدريبية لمعلمات قسم المرأة حول أسس تدريس الإسلام
ـ كوسوفا.. قسم المرأة بالمشيخة الإسلامية يواصل برنامجه التدريبي للمعلمات
ـ الصفحة الرسمية لقسم المرأة بالمشيخة الإسلامية في دولة كوسوفا
ـ صفحة مسئولة قسم المرأة بالمشيخة الإسلامية في دولة كوسوفا
ـ قناة المشيخة الإسلامية في دولة كوسوفا على اليوتيوب
ـ