مسلمون حول العالم
نافذتك إلى أخبار الأقليات المسلمة

إعلامي بأثينا: أبرز مشكلات مسلمي اليونان “عدم توحدهم”

حوار مع الإعلاميُّ اللبنانيُّ المقيم في أثينا "شادي الأيوبي"

حوار مع الإعلاميُّ اللبنانيُّ المقيم في أثينا “شادي الأيوبي”

إعلامي بأثينا: أبرز مشكلات مسلمي اليونان “عدم توحدهم”

( 2 ) حوار اليونان ـ الأول ـ 2010م

مسلمون حول العالم ـ أدار الحوار على فيسبوك: هاني صلاح

“تتمثل أبرز مشكلات المسلمين في عدم توحدهم، فليس هناك مؤسسات تمثلهم ولا قيادات ذات كفاءة وإخلاص تقودهم”.

بهذه الكلمات ألقى الضوءَ الإعلاميُّ اللبنانيُّ – المقيم في اليونان منذ عام 1990 – “شادي الأيوبي، على أبرز تحدٍّ يواجه التواجد الإسلامي في الدولة الأوروبية الأقرب جغرافيًّا للدول العربية والإسلامية في منطقة الشرق الأوسط، لافتًا إلى أن: الدعوة الإسلامية في اليونان “تسير بجهود فردية لا مؤسساتية تخف حينًا وتقوى حينًا”.

جاء ذلك في سياق حوار: (الإسلام والمسلمون في اليونان)، وهو الحوار الأول عن اليونان، والثاني في سلسلة “حوارات الأقليات المسلمة على الفيسبوك”، والتي تأتي في سياق برنامج للتعريف بواقع الإسلام والمسلمين حول العالم.

وقد أجري الحوار على الفيسبوك في شهر يوليو 2010م.

وإلى الحوار..

المشاركة الأولى.. من: هاني صلاح؛ منسق الحوار، السؤال الأول:

1 ـ كم يبلغ عدد مسلمي اليونان إجماليًّا، وكم نسبة الوافدين من الخارج مقارنةً بالمسلمين المحليين؟

ـ بالنسبة للمسلمين الأصليين: يتراوح عددهم اليوم بين 150 و200 ألف نسمة، هذه هي الأرقام المتداولة لأعدادهم، وليس هناك رقم دقيق لعددهم حتى بينهم أنفسهم.

ـ بالنسبة للمهاجرين المسلمين: هناك صعوبة في تقدير عددهم؛ لأنه لا إحصائيات رسمية أو شبه رسمية لهم من ناحية، ومن ناحية أخرى هناك أعداد منهم دون أوراق رسمية، وأعداد منهم اعتادت أن ترحل فتراتٍ ما إلى بلاد أوروبية أخرى ثم تعود لليونان حسب ظروف العمل، كما أن هناك فئات منهم، خاصة الأُسر، بدأت تعود بأعداد كبيرة إلى بلادها الأصلية بسبب الأزمة الاقتصادية، أو بسبب الرغبة في الحفاظ على أبنائها من الضياع. المهم هناك تقديرات لأعدادهم تصل بهم إلى حوالي نصف مليون شخص، وربما هذا العدد مبالغ فيه.

يضاف لهذا أن أكثر من 700 ألف مهاجر جاءوا من ألبانيا المجاورة، وهؤلاء رغم أنهم مسلمو العقيدة، فإن لهم خصوصيات كثيرة، وعندما يتم الحديث هنا رسميًّا عن المسلمين، فإنه لا يتم التطرق إليهم، بل يتم الحديث عنهم من ناحية قومية لا دينية.

المشاركة الثانية.. من: ALbsos Soa ، تتضمن ثلاثة أسئلة (أرقام: 2، و3، و4):

2 ـ هل توجد مساجد ومراكز إسلامية كافية لعدد المسلمين؟ وما هو عدد المساجد في اليونان؟

أُقسّم الجواب إلى شقين:

أ ـ مساجد الأقلية المسلمة في شمال اليونان: تُعدُّ كافية، وهي حوالي 300 مسجد في مناطقهم، ولا مشكلة في عددها، فهم يستطيعون زيادة عددها ولو ببعض الصعوبات، ومشكلاتهم تنبع من نواحٍ أخرى غير مسألة توفر المساجد.

ب ـ مساجد المهاجرين (الجالية المسلمة الوافدة من الخارج): لابد من التوضيح أنها أماكن عبادة غير رسمية، وهي مستأجرة بشكل فردي أو جماعي من بعض المسلمين، ويبلغ عددها في أثينا حوالي مائة مُصَلَّى، وكذلك توجد مصليات في المدن اليونانية الأخرى. أما كونها كافية؛ فهي كافية لهم مبدئيًّا، لكنها تبقى غير رسمية وغير معترف بها كأماكن عبادة، إضافة إلى كون الكثير منها أقبيةً وشققًا غير مناسبة وغير صحية.

ويبقى أنه باستثناء مناطق “الأقلية” شمال اليونان، وجزيرتي “رودوس” و”كوس” في بحر “إيجة”، فليس هناك مسجد “رسمي” في أي مدينة أو منطقة يونانية.

3 ـ ماذا عن المدارس الإسلامية في اليونان؟

أ ـ بالنسبة للأقلية المسلمة (السكان المحليين): هناك مدارس أعتبرها “شبه إسلامية”؛ وذلك لتدخّل الحكومة أخيرًا في مناهجها، وهي تدرس الدين الإسلامي باللغة التركية وفقًا لـ”اتفاقية لوزان لتبادل السكان بين اليونان وتركيا”، وهي التي نظمت شئون الأقليات بين البلدين، وهذه المدارس تسمى مدارس الأقلية، ويُدرّس فيها أساتذة مسلمون “الدِّين الإسلامي”، فيما يدرس أساتذة نصارى “المواد العلمية”، ولأبناء الأقلية شكاوى كثيرة من تدنّي مستوى هذه المدارس، ومطالبات بإجراء إصلاحات عليها.

ب ـ أما بالنسبة للمهاجرين المسلمين (الوافدين من الخارج): فهناك المدرسة الليبية، وهي الوحيدة “الرسمية” في اليونان، إضافة إلى مدارس غير رسمية تعتمد على تجهيز التلاميذ لامتحانات تقام لهم في السفارة المصرية في اليونان، أو المدارس السورية للتلاميذ السوريين (الأخيرة لم تعد موجودة بسبب الظروف الأمنية في سوريا).

ـ كما أن هناك مركزًا إسلاميًّا وحيدًا في أثينا أنشئ خلال السنوات الماضية، وهو يقوم بجهود ونشاطات محمودة، لكنه لم يصل بعد إلى الدور المنشود في خدمة الجالية كمًّا أو نوعًا.

4 ـ هل يوجد دعاة مؤهلون لتعليم المسلمين أمور دينهم؟

بالنسبة لوجود دعاة مؤهلين، فهم عملة نادرة في اليونان من حيث معرفتهم بالثقافة الإسلامية، وإلمامهم بلغة وثقافة البلد، بسبب أن معظمهم وُجد في مكانه بسبب خلو المكان وضرورة ملْئه، وربما كان هذا كلامًا قاسيًا نوعًا ما، لكنها الحقيقة والواقع الذي يراه ويعرفه كل من يسكن اليونان.

المشاركة الثالثة.. من: افتكار البنداري؛ صحفية مصرية، تتضمن خمسة أسئلة (أرقام: 5 إلى 9):

5 ـ ما حال الدعوة الإسلامية في اليونان، سواء فيما يتعلق برفع مستوى التوعية بين المسلمين بدينهم، أو نشر الدين بين غير المسلمين، وما المؤسسات المسئولة عن ذلك؟

بشأن حالة الدعوة الإسلامية والمؤسسات المسئولة عنها في اليونان:

بدايةً الدعوة الإسلامية في اليونان تسير بجهود فردية لا مؤسساتية، هذا إذا اتفقنا على أن جهود الأفراد المتواضعة – التي تخفُّ حينًا وتقوى حينًا، وتسير وفق ضوابط واجتهادات شخصية – تُسمى في النهاية دعوة إسلامية.

ـ بالنسبة للمسلمين المهاجرين: هناك خطب جمعة ودروس عديدة تتم في المصليات التي تم افتتاحها في أثينا وغيرها، وهي دروس حول الفقه والعقيدة وغيرها، وهي في مستوًى بسيط طبعًا. كما يزور بعض الدعاة مسلمي اليونان من وقت لآخر، ويلقون محاضرات ودروسًا إسلامية عامة.

لكن الحلقة المفقودة هي الأشخاص أو المؤسسة التي تخلق الوعي بواجب الوقت لدى المسلمين، من إيجاد مؤسسات خدمات للجالية، ومدارس ومدافن للمسلمين، ومتاجر للطعام الحلال، وتوجيه أبناء الجالية إلى المشاركة السياسية في حياة البلد، وهذه الأمور لا تقل أهمية عن أمور الفقه والطهارة – إن لم تَفُقها أهمية – حيث إنها تتعلق بوجود الجالية أو اندثارها وطمس هويتها.

وطبعًا هناك خلل نتيجة عدم وجود مؤسسة إسلامية معترف بها في أثينا؛ حيث لا يجد من يريد التعرف على الإسلام جهة رسمية يثقُ بها لتوجيه أسئلته حول الإسلام.

والمسلمون في اليونان يعيشون حتى اليوم على هامش المجتمع، فهم لا يشاركون في أي أمر مهم حتى الأمور التي تخصهم، مع أنهم يتعرضون لما يتعرض له البلد من مصائب ومصاعب، مثل الأزمات الاقتصادية والبطالة والغلاء ونحو ذلك، لكنهم مع هذا لم يستخلصوا القرار بوجوب المشاركة في الحياة العامة بعدُ.

وليس هناك من يوجه ابنه لدراسة تخدم أبناء البلد، مثل: الدراسات الشرعية، أو الصحافة أو القانون، وهي دراسات ضرورية للجالية المسلمة؛ لأن الجميع منشغل بدراسات المال والأعمال والهندسة والحاسوب والطب وغيرها، وهي دراسات مهمة دون شك، لكنَّ هناك فائضًا منها في صفوف الجالية.

حتى إن الأئمة والخطباء الموجودين في البلد على قلة علمهم الشرعي لا يحاولون تطوير أنفسهم، وزيادة معلوماتهم الشرعية عبر الانتساب لكليات الشريعة المنتشرة في بلاد كثيرة، كما أنه من النادر أن يتعلموا لغة البلد، وهي من البديهيات في الدعوة.

وللقارئ أن يتخيل أن خطبة الجمعة في أثينا تتم بالعربية فقط، إلا في مسجد واحد تتم فيه بالعربية والإنكليزية أو اليونانية. طبعًا المصلون معظمهم عرب، لكن لو داوم مسجد ما على الخطابة باليونانية ولو لفترة عشر دقائق؛ لأصبح الأمر معروفًا ومطلوبًا للناطقين باليونانية.

ـ بالنسبة للمسلمين اليونانيين (المحليين في شمال اليونان): حالهم ليس أفضل بكثير في مجال الدعوة الإسلامية، لكنَّ كونهم مسلمين معترفًا بهم رسميًّا في اليونان، ووجود المساجد ودور الإفتاء والأوقاف في مناطقهم؛ يشجع الراغبين في السؤال عن الإسلام على الذهاب إليهم، والاستفسار منهم.

أعتبر أن المسلمين في اليونان لديهم قدر من الوعي بأمور دينهم، لكن المشكلة في الانشغال الزائد بالأعمال والسعي للرزق مقابل إهمال الأسرة والأولاد، وعدم الاستعداد للتضحية بالوقت والمال للصالح العام، وهذا حال المئات إن لم نقل الألوف منهم.

6 ـ وهل تقوم المؤسسات الدينية في اليونان بأدوارها المنوطة بها فيما يتعلق برعاية المسلمين، أم أن هناك معوقات حكومية أو تمويلية أو تكاسلًا يمنع ذلك؟

ليس هناك مؤسسات مسئولة عن نشر الدين الإسلامي في اليونان بطبيعة الحال، ولكن هناك يونانيين أسلموا عن طريق الاجتهاد الفردي والمطالعة الكثيرة، أو الاختلاط بالمسلمين في الأعمال، أو الزواج من مسلمين.

النقطة السلبية في هؤلاء أنهم قليلو العلم بالأمور الشرعية، والتزامهم بالعبادات عمومًا ضعيف، وهم منعزلون عن المسلمين العرب، كما أنهم لا يحاولون تجميع أنفسهم في إطارٍ ما كمسلمين يونانيين؛ لأنهم لا يقدرون على مواجهة ذويهم ومواجهة المجتمع، إضافة إلى تعرّف بعضهم على مسلمين يحملون أفكارًا متعصبة، وتطبُّعهم بهذه الأفكار أو انطوائهم على أنفسهم يجعل وكأنّ شيئًا لم يتغير في حياتهم.

أعتبر أن من أهم التجارب للتعريف بالإسلام مواقع الإنترنت التي أنشأها بعض المسلمين في البلد، وموقع “الإسلام باليونانية” ليس الوحيد بين تلك المواقع، لكنه – بفضل الله – أكثرها انتشارًا وشعبية، لدرجة أنه صار معروفًا تقريبًا لكل من يهتم بموضوع الإسلام في اليونان وقبرص، وحتى بين الناطقين باليونانية في بلاد المهجر.

لكن هذه التجارب عمومًا لا تزال تحتاج إلى الكثير من الدعم والخبرة والمتطوعين المتقنين للغة اليونانية، والأمور الدعوية والشرعية.

7 ـ وما علاقة المؤسسات الإسلامية بالحكومة، يعني أهي إيجابية أم هناك جفاء؟

ليس هناك في اليونان مؤسسات إسلامية بالمعنى المتعارف عليه. هناك بعض التجمعات التي تقوم من حين لآخر بين المصليات غير الرسمية في أثينا، وهي غير منظمة بما فيه الكفاية لتصبح في مستوى المؤسسات الفاعلة.

وبطبيعة الحال هذه التجمعات لا تلقى الاعتراف والاحترام المطلوبين من السلطات الرسمية؛ كون تلك السلطات تعرف أن هذه التجمعات لا تمثل جميع المسلمين، وأنها غير منتخبة بشكل سليم، وأن أوضاعها الداخلية غير منظمة، وإن كان قد سبق أن جرت بعض الحوارات واللقاءات بين أعضاء من هذه التجمُّعات وبين شخصيات رسمية، فهي لا تعبر عن اعتراف رسمي بهؤلاء الأعضاء، ولكن الظروف، خاصة مسألة ضرورة بناء مسجد في أثينا، تضطرهم للتعامل مع الجهات الظاهرة من المسلمين.

8 ـ هل للإسلاموفوبيا نصيب في اليونان؟

للإنصاف، هي ليست ظاهرة واضحة المعالم أو قوية في اليونان، لكن هناك جفاءً بشكل عام تجاه الأجانب ـ بغض النظر عن ديانتهم ـ لدى طبقات معينة من الشعب اليوناني، خاصة مع الأزمة الاقتصادية الأخيرة، وخروج أعداد من اليونان من أعمالهم.

وبالطبع ظهر اليمين المتطرف خلال السنوات القليلة الماضية بشكل واضح، وبدأ يستغل هذه الظاهرة وينفخ فيها زاعمًا أن جميع مشكلات البلد سببها الأجانب، وأنهم مجموعة من اللصوص والمجرمين.

وهذه الموجة أوصلت 15 من نواب حزب “لاوس” اليميني المتطرف إلى البرلمان في الانتخابات الأخيرة، خاصة بعد أن ركبوا موجة احتجاج المسلمين على مسألة إهانة شرطي يوناني للقرآن الكريم، وصاروا يُخوّفون اليونانيين من الإسلام والمسلمين.

كذلك هناك حساسية خاصة تجاه الجالية الألبانية في اليونان، وهي مسألة مرتبطة بالحساسية التاريخية بين القوميتين اليونانية والألبانية، والنزاعات الحدودية التي قامت بين البلدين.

9 ـ هل للوبي الصهيوني أثر في اليونان ينعكس على حال المسلمين؟ وما أبرز مشاكل المسلمين في هذا البلد الأوروبي؟

اليونان ليست دولة عظمى ليحتاج اللوبي الصهيوني للظهور فيها، وهذا لا يعني عدم وجوده، لكنه وجود ناعم. هذا من جهة، ومن جهة أخرى الحكومات اليونانية الأخيرة، خاصة بعد دخول اليونان الاتحاد الأوروبي، أصبحت كالخاتم في يد الولايات المتحدة والسياسات الأوروبية وسياسات الناتو؛ حيث تشارك اليونان في جميع مهمات الناتو التي تُطلب منها رغم معارضة معظم الشعب اليوناني لذلك.

معروف أن الحكومة اليونانية كانت مرتبطة حتى فترة قريبة بمعاهدات ومناورات عسكرية مع إسرائيل، وقد اضطرت لقطعها بعد اعتداء إسرائيل على قافلة الحرية، وأظن مسألة إرجاع تلك العلاقات إلى سابق عهدها مسألة وقت.

مسألة أخرى، الوجود المؤيد لإسرائيل صار يقوى أخيرًا في الوسطين الأكاديمي والصحفي، وذلك للغياب العربي الرسمي التام من اليونان، وللنشاط الكبير للسفارة الإسرائيلية وأنصارها في هذه المجالات، فرغم وجود سفارات لمعظم الدول العربية في اليونان؛ فإن الملاحظ أن نشاطها الموجه داخل اليونان غير موجود، مع أن الشعب اليوناني بطبيعته مناصر بشكل كبير للقضية الفلسطينية، وليس مصادفة أن تنطلق أولى حملات رفع الحصار عن غزة من اليونان.
المسألة باختصار، أن التخطيط والمثابرة من طرف إسرائيل ينزعان البساط من تحت أقدام العرب الذين غابوا عن البلد رسميًّا، وتركوا المجال لغيرهم.

وتتمثل أبرز مشكلات المسلمين في عدم توحُّدهم، فليس هناك مؤسسات تمثلهم ولا قيادات ذات كفاءة وإخلاص تقودهم.

إضافة إلى أن طبيعة المؤسسات الحكومية البيروقراطية، خاصة مسألة منح الإقامات والجنسيات، تطرد الأجانب والكفاءات الأجنبية بشكل مستمر؛ لذلك هناك فرق كبير بين الجالية المسلمة في اليونان والجاليات المسلمة في الدول الأوروبية الأخرى من حيث التنظيم والترابط والمنجزات.

مع الأخذ بعين الاعتبار أن المسلمين في اليونان موجودون منذ سنوات أقل بكثير من تواجد الجاليات الأخرى؛ مما يعني أن بداية الوجود الملحوظ لهم منذ التسعينيات، وأما قبل ذلك فكان وجودهم هامشيًّا وقليلًا، وإن كان أجود نوعية.

المشاركة الرابعة.. من: Said Mohamed، تتضمن ثلاثة أسئلة (أرقام: 10، و11، و12):

10 ـ كم عدد المسلمين اليونانيين؟ وفي أي مدينة يتواجدون بغالبية؟

بالنسبة للمسلمين الأصليين، فأكبر عدد منهم يوجد في مدن الشمال في المنطقة المسماة “ثراكي الغربية” (الجزء الشرقي منها تابع لتركيا)؛ مثل: “كوموتيني” و”كسانثي” وفي القرى المحيطة بها، وعدد المسلمين اليونانيين – أبناء الشمال – يتراوح بين 150 إلى 200 ألف شخص، وإن كنت تقصد أن غالبية المدينة من المسلمين، فليس هناك في اليونان مدينة غالبيتها مسلمون.

11 ـ هل مسموح ببناء مساجد؟ وهل هناك مساجد بمآذن؟ وكم عددها؟ وهل الأذان يُسمع خارجها؟

بناء المساجد مسموح بضوابط في مناطق المسلمين في الشمال، لكنه في المناطق الأخرى مقيد بقيود وقوانين ضبابية لا أحد يستطيع فهمها أو حل طلاسمها.

ومعظم تلك المساجد في الشمال – حوالي 300 مسجد – تجهر بالأذان، إلا أن بعض المساجد تكون بين أحياء النصارى فلا يُؤذّن فيها بمكبرات الصوت. وكل المساجد طبعًا بمآذن شأن سائر المساجد.

بينما المسلمون المهاجرون أغلبهم في أثينا، ولديهم مصليات غير رسمية، ولا تجهر بالأذان بطبيعة الحال.

12 ـ كيف حال الجالية المسلمة؟ وما مدى اندماجها مع اليونانيين؟

بالنسبة لاندماج الجالية في المجتمع، فهو ضعيف، وللأسف لا يزال دور الجالية مُغيّبًا حتى الساعة.

المشاركة الخامسة.. من: عبد الرحمن شهوان، تتضمن خمسة أسئلة (أرقام: 13 إلى 17):

13 ـ ما هي نسبة من يحصلون على تعليم جيد ويلتحقون بالجامعات اليونانية؟

ـ بالنسبة لأبناء الأقلية المسلمة: فإن نسبة الحاصلين على تعليم جيد كانت قليلة حتى فترة قريبة؛ لأنهم كانوا بشكل عام محرومين من الوظائف والأعمال الحكومية، فكان التعليم بالتالي غير ذي أهمية.

منذ عشر سنوات، خصصت الحكومة اليونانية مقاعد بنسبة معينة لأبناء الأقلية في الجامعات والكليات العليا، وبناءً على ذلك دخل المئات من أبناء الجالية الجامعات، دون أن يعني هذا أنهم أنهوا دراساتهم بالتوفيق؛ حيث كانت لديهم مشكلة في إتقان اللغة اليونانية التي يستعملون التركية بدلًا منها في مناطقهم، لكون النظام التربوي الخاص بهم – حسب “اتفاقية لوزان لتبادل الأقليات بين اليونان وتركيا” – يحتاج إلى إصلاحات عديدة، والآن ربما أصبح الوضع أفضل قليلًا من هذه الناحية.

ـ أما بالنسبة للمهاجرين، فالنسبة منخفضة في أوساط الشباب الذين يأتون للبلد بصورة غير شرعية وهم في سن صغيرة؛ حيث لا يحصلون على أوراق رسمية للإقامة، وبالتالي لا مجال لهم لمتابعة دراساتهم.

ـ بالنسبة لأبناء الأسر المقيمة بشكل مستقر، يصل معظم أبنائها للجامعات اليونانية، كما أن قسمًا منهم – أصحاب القدرة المادية – يدرسون في الجامعة الأجنبية أو في دول أوروبية أخرى.

ولعلك لاحظت أني لا أُورد أرقامًا للجامعيين من الطرفين؛ وذلك لعدم وجود أرقام رسمية بذلك.

14 ـ ما مدى انتشار إدمان المخدرات والكحوليات بينهم؟

نعم، هناك تعاطٍ للخمور والمخدرات بين الشباب المسلم – للأسف – خاصة الشباب المهاجر بدون أسرة، فهؤلاء من السهل انجرافهم إلى المخدرات وإلى الجرائم الصغرى؛ مثل: السرقة والنشل ونحو ذلك. طبعًا تلعب مسألة البطالة والعزلة الاجتماعية التي يعيشها هؤلاء دورًا كبيرًا في المسألة، ولو كانت الظروف مختلفة لكان قسمٌ منهم أصلح حالًا مما نراه الآن.

بالنسبة لأبناء الأقلية المسلمة (في الشمال)، خاصة الشباب منهم – من 18 إلى 30 – فهؤلاء عندما كبروا وجدوا الدنيا انفتحت في وجوههم ولم يروا شيئًا من معاناة آبائهم مع السلطات؛ حيث كانت مناطقهم تعتبر مناطق عسكرية يُمنع الخروج منها بعد غروب الشمس، وتحتاج إلى تصريحات خاصة لإصلاح بيتك. هذه الحال استمرت حتى نهاية الثمانينيات من القرن الماضي؛ حيث ألغاها الحزب الاشتراكي “باسوك”.

لذلك كان من السهل انحراف هؤلاء الشباب، خاصة طلاب الجامعات الذين يسكنون بعيدًا عن مناطق الأقلية شمال اليونان، أي في مساكن الطلبة المختلطة؛ حيث صاروا يجترئون على شرب الخمر، وربما تورطوا في أمور الاختلاط والمعاشرة غير الشرعية، والأخطر من ذلك أن شرب الخمور مسألة منتشرة بين الكثير من شباب الأقلية، وفي مناطقها وقراها.

15 ـ وبصفة عامة، هل يتعرض المسلمون لمضايقات وتعامل عنصري؟

بالنسبة للعنصرية ضد المسلمين، أوضحتُ في جواب سابق أنه لا توجد عنصرية ضد الإسلام، لكن هناك عنصرية ضد الأجانب – بشكل عام – لدى فئات يونانية معينة.

16 ـ وكم يصل عدد المتحولين إلى الإسلام من اليونانيين في الـ(5) سنوات الماضية تقريبًا؟

هم بالمئات، لكن لا إحصائية رسمية لأعدادهم، وأنا شهدت إسلام عدة أشخاص، وهؤلاء لا دور لي في إسلامهم، لكن بقناعتهم الشخصية وبحثهم الفردي.

المؤكد أنهم بالمئات، وهذا ما تؤكده جهات المسلمين، كذلك في شمال اليونان؛ حيث يجري بعض المسلمين الجُدد عملية تغيير الدين بشكل رسمي في دار الإفتاء. لكن هؤلاء غير موجودين في الحياة العامة؛ حيث لا تأثير لهم ولا نشاط يُذكر.

17 ـ وهل توجد أي قنوات تلفزيونية دعوية أو أنشطة دعوية منظمة؟

بالنسبة لعمليات الدعوة المنظمة لا توجد، ولعلك تعود إلى الجواب السابق؛ ففيه تفصيلات وافية. كما لا توجد قناة دعوية للمسلمين في اليونان، وهذا بالنسبة لنا يمثل نوعًا من الترف في التفكير، فجلُّ ما يوجد لدينا، أخي الكريم، مواقع إنترنت باليونانية، وهذا جهد المُقلّ.

المشاركة السادسة.. من: د. ماجد البرهومي؛ محامٍ تونسي وأستاذ بكلية الحقوق والعلوم السياسية في تونس، وتتضمن سؤالين (أرقام: 18، و19):

18 ـ لماذا لا تتواصل الجالية المسلمة اليونانية مع البلدان الإسلامية على غرار بلدان الغرب العربي، ولمَ لا تسعى إلى التعريف بنفسها وبنشاطاتها؟

هناك تواصل خفيف ومتقطع للجالية الإسلامية مع العالم الإسلامي، مثل قدوم خطباء وعلماء من حين لآخر إلى اليونان لإعطاء دورس للجالية الإسلامية هنا، خاصة خلال شهر رمضان المبارك أو الأعياد، وهذا الدور محمود وإن كان غير كافٍ.

المشكلة تكمن في غياب العمل المؤسسي الذي يجمع الجهود، ويوحد القوى؛ حتى تصبح عملية الاتصال هذه أكثر إفادة، وبشكل أدوم، وتكون لها ثمار ظاهرة وثابتة.

لكن من ناحية أخرى، لا مجال هنا لمقارنة الجالية المسلمة في اليونان بالجاليات الأخرى التي تتواصل مع البلاد الإسلامية، وأعتقد أنك تقصد بلاد المغرب العربي. الجاليات المسلمة في فرنسا وبلجيكا وألمانيا لها وضعية مختلفة تمامًا عن وضع جالية اليونان.

الجالية المغربية أو الجزائرية في فرنسا وبلجيكا وألمانيا مثلًا تُعدُّ بالملايين، وهي هناك منذ عشرات السنين، وهي مستقرة هناك، ولها كوادر وطاقات ومؤسسات وأناس يتعبون عليها يعدون بالمئات، إن لم يكن بالآلاف. كما أن هناك اهتمامًا رسميًّا بهذه الجاليات من بلاد المغرب العربي، ولو بهدف السيطرة على الجالية.

أيضًا الجالية التركية في ألمانيا تعد بالملايين، ولها مؤسسات ومنظمات ضخمة، والدولة التركية معنية بها بشكل مباشر.

بينما الجالية المسلمة في اليونان يتيمة تمامًا، فقد بدأت تظهر منذ حوالي عشرين سنة فقط؛ حيث كانوا قبل ذلك بضع مئات من الطلاب ورجال الأعمال والموظفين في شركات أجنبية والدبلوماسيين.

واليوم هناك عشرات الآلاف من العمال والطلاب والصيادين والمشتغلين بالزراعة وصغار التجار، إضافة إلى الآلاف من طالبي اللجوء السياسي، وهم خليط من شعوب المشرق والمغرب العربيين والآسيويين، وهؤلاء لا رابط يجمعهم حتى اليوم؛ حيث إن كل فئة لها همومها ومشكلاتها الخاصة، كما أن دول المشرق العربي – بخلاف دول المغرب – ليس لديها نفس درجة الاهتمام بموضوع الجاليات في أوروبا، وهذا حال الدول الآسيوية.

من ناحية أخرى، الطبيعة البيروقراطية لليونان تُفقد المقيمين فيها الشعور بالاستقرار، يعني في بلد مثل فرنسا يمكن أن تحصل على الجنسية خلال مدة خمس سنوات من الإقامة الشرعية، وأما في اليونان فيمكن أن تبقى ثلاثين سنة دون أن تحصل على جنسية، بل يمكن أن تخسر إقامتك لأسباب تافهة؛ كخطأ من موظف، أو عدم وضوح القوانين الجديدة، وتبقى سنوات طويلة مُعلّقًا في المحاكم لتصحيح وضعيتك، وهذه حالات موجودة وكثيرة جدًّا، وليس هذا كلامًا نظريًّا.

هذا الأمر يدفع الكثير من أصحاب الكفاءات للرحيل عنها حتى بعد الحصول على جنسية البلد؛ ليبحثوا عن مستقبلهم في بلد آخر، وهذا الأمر يحرم الجالية من الكفاءات القادرة على النهوض بها.

وأنا أريد من هذا المنبر الكريم توجيه نداء إلى كل الشباب الحالمين بالهجرة إلى أوروبا، خاصة عبر اليونان، ألا يغامروا بأنفسهم وأعمارهم، فالوضع هنا لا يسمح لهم بالعبور إلى أوروبا، ولا العودة، ولا تحسين أوضاعهم في البلد.

وهناك آلاف الشباب – خاصة من بلاد المغرب العربي وأفريقيا – جاءوا هنا للعبور إلى أوروبا، وبقوا سنوات طويلة في اليونان دون أن يحققوا شيئًا سوى تضييع أعمارهم وشبابهم في أزقة أثينا والمدن الأخرى.

19 ـ وما هي المذاهب الإسلامية السائدة بخلاف المذهب السني الحنفي مذهب العثمانيين الأتراك؟

ـ الأقلية المسلمة في الشمال تتبع المذهب الحنفي في تقليد لتركيا، التي تعتمد عليها الأقلية دينيًّا ودنيويًّا.

ـ أما بالنسبة للمهاجرين، فالأغلبية الكبرى من المسلمين السُّنة، وهناك أقلية بسيطة من الشيعة العراقيين والإيرانيين والآسيويين.

ولدى المسلمين السُّنّة لا تطرح قضية المذاهب، بل التيارات الإسلامية وإن كانت خفيفة، يعني هنا بعض المتصوفين وجماعة التبليغ والإخوان المسلمين.

وأخيرًا ظهرت جماعات ذات فكر متشدد غرائبي تحارب عبادة القبور بين المسلمين في اليونان، التي ليس فيها قبور للمسلمين.

أما بالنسبة لموضوع الفتاوى، فلا يزال أبناء الجالية يستفتون دور الإفتاء في بلادهم للاستفسار حول رأي الشرع في المسائل التي تواجههم في البلد لغياب المرجعية الدينية والشرعية في البلد. طبعًا، لا يتوجهون بالسؤال إلى دور الإفتاء في الشمال لاختلاف اللغة، وانقطاع التواصل بين أبناء الجالية وأبناء الأقلية.

التخطي إلى شريط الأدوات