مانشيتات الحوار:
ـ من أرقى وأقدم صور التبليغ الإعلامي تأثيرًا خطبةُ الجمعة.
ـ من أهم أسباب نجاح الخطبة أو فشلها اختيارُ الموضوع.
ـ المتابعة المستمرة لكل جديد مع التنويع في العرض والأسلوب يمنحان الخطبة والخطيب قوة وتأثيرًا أكبر.
مسلمون حول العالم ـ خاص ـ هاني صلاح
في حوار خاص مع “مسلمون حول العالم” حول الدور المنشود لخطبة الجمعة في أوساط الأقليات المسلمة حول العالم، أشار الشيخ “سمير خالد الرجب”؛ إمام مسجد النور في مدينة هامبورغ بألمانيا، إلى أن: “حسن أو سوء اختيار الموضوع من أهم أسباب نجاح الخطبة أو فشلها”.
ولفت إلى أن حسن اختيار الموضوع “يحتاج إلى كثير من العناية والاهتمام؛ فيُقدّم الأهم حسب الزمان والمكان وحاجة المسلمين الحالية لهذا الموضوع”، مشددًا على أهمية “تنويع الخطبة بما يتناسب مع جميع شرائح المجتمع”.
وحذر من ثلاثة أمور تؤدي لنتائج سلبية، وهي: “عدم تكرار المواضيع؛ كي لا يؤدي إلى ملل الحاضرين، وعدم الإطالة؛ مراعاة لظروف الناس وأحوالهم، والابتعاد عن الألفاظ والعبارات التي تفرق المسلمين“.
وإلى الحوار..
ـ ماذا تقولون في أهمية ودور “خطبة الجمعة” في توجيه مسلمي الغرب التوجيه السليم الصحيح وفق مقاصد الإسلام؟
لا شكَّ أن وسائل الدَّعوة والإصلاح كثيرةٌ متنوِّعةٌ، ومن أهمها “منبر الخطبة”؛ لذلك فقد اعتنى به الإسلام وأفرد له النَّبيُّ – صلى الله عليه وسلم – مساحة واسعة من الحرص والتَّنظيم والتّركيز.
و”خطبة الجمعة” تعد من أرقى وأقدم صور التبليغ الإعلامي تأثيرًا، ولها دورها البارز في حماية أفراد الأمة من الغزو الفكري الإعلامي، حيث يتعلم المسلمون من خلالها مقاصد الدين والقيم الأخلاقية والتربوية، وترتقي بمشاعرهم الإيمانية.
لذلك ولأهميتها أُمِر المسلمون بالسعي إليها دون انشغال، والتبكير إليها دون تأخير، وحضور القلب مع الإنصات، قال تعالى في سورةٍ سمِّيت باسم هذا اليوم المبارك: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِن يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَىٰ ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَٰلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ} [الجمعة: 9].
والإمام السيوطي – رحمه الله – صنف كتابًا سماه “خصوصيات يوم الجمعة”، ذكر فيه مائة مزية للجمعة على رأسها “خطبة الجمعة”.
“خطبة الجمعة” هي تلك المحاضرة الوحيدة التي فُرض حضورها عليك من رب العالمين، كل المحاضرات الأخرى إذا أحببت أن تحضر أحضر، وإذا أحببت ألا تحضر فلا تحضر، وبالمقابل فقد توعَّد النَّبيُّ – صلى الله عليه وسلم – من تركها وفرَّط فيها من غير عذرٍ أو ضرورةٍ فقال: «من ترك ثلاثَ جُمعٍ تهاونًا بها؛ طَبَعَ الله على قلبه». قال الإمام المناويُّ في (فيض القدير): “طبع الله على قلبه أي ختم عليه وغشَّاه ومنعه ألطافه، وجعل فيه الجهل والجفاء والقسوة، أو صيَّر قلبه قلب منافق”.
ولقد كان المنبر في تاريخ الأمة الطويل أداةً ووسيلةً لنهضة الأمَّة وتفوُّقها، ولطالما عالجت الخُطب كثيرًا من المشكلات الفكرية والمجتمعية، وكان لها الدور الكبير في حلها، سواء كانت اختلالات عقدية، أو فكرية، أو اجتماعية.
وحريٌّ بالمنبر في واقعنا المأزوم اليوم أن يعود فيؤدي رسالته ويحقق غايته، بأن يكون وسيلةً إلى تعميق الفكر، وزرع الوعي الإسلامي، والتربية الروحية المتوازنة، موجِّهًا بذلك العقول ومغذِّيًا كذلك للأرواح والقلوب، عالمًا بواقع الناس، مدركًا لهمومهم، شاعرًا بمشاكلهم، يُري النَّاس واقعهم، ويبصرهم بحال أمَّتهم، لا أن يكونوا في وادٍ وكلام خطيبهم في وادٍ آخر.
فالمنبر يعلِّم جاهلًا.. المنبر يردُّ شاردًا.. المنبر يزرع أملًا.. المنبر يوقظ همَّةً.. المنبر يقوِّي عزيمةً.. المنبر يُطفئ فتنةً. هذا هو المنبر، وهذا دوره.. بثّ الوعي والإصلاح والتغيير، وما كان يومًا من الأيام مكانًا للتَّهريج ولا للخرافة ولا للصُّراخ ولا للسُّباب ولا للشَّتائم ولا للتمجيد.
ويقوى أثره ويَعمُّ نفعه بقوَّة خطيبه، ويضعف أثره ونفعه بضعفه؛ لذلك على الخطيب – وهو فارس المنبر – أن يتحمل المسؤولية ويؤدي الأمانة، لا سيما وهو يستشعر أنه في مقام يعد من أشرف المقامات، ألا وهو مقام النبيّ ﷺ في التبليغ.
ـ وما هي رسالتكم لإخوانكم الخطباء حول العالم بشأن “موضوع” خطبة الجمعة؟
نحن معاشر الخطباء يجب أن نعلم أن الخطبة أمانة، وصعود المنبر أمانة، ووقت المصلين أمانة، فعلينا أن نستشعر عِظم هذه الأمانة والمسؤولية قبل أن نصعد المنبر، وأن نكون قدوة حسنة في تصرفاتنا، وفي أخلاقنا، وأن نحرص على حسن اختيار الموضوع؛ لأن اختياره يحتاج إلى كثير من العناية والاهتمام؛ حيث يقدم الأهم حسب الزمان والمكان وحاجة المسلمين، فحسن أو سوء اختيار الموضوع من أهم أسباب نجاح الخطبة أو فشلها، وعدم تكرار المواضيع؛ كيلا يؤدي إلى ملل الحاضرين، وعدم الإطالة مراعاة لظروف الناس وأحوالهم، ففيهم المريض والكبير وذو الحاجة كما أخبر النبي – عليه السلام. والابتعاد عن الألفاظ والعبارات التي تفرق المسلمين، وتنويع الخطب بما يتناسب مع جميع شرائح المجتمع، والمتابعة المستمرة لكل جديد، والتنويع في العرض والأسلوب.