مسلمون حول العالم
نافذتك إلى أخبار الأقليات المسلمة

“الشنقيطي”.. صفحة مضيئة لأحد أقلام النهضة الإسلامية في قازان

سافر الشيخ الشنقيطي خلال رحلة الحج من موريتانيا إلى قازان بوسط روسيا بدايات القرن العشرين

مسلمون حول العالم ـ متابعات

بقلم/ د. أمين القاسم ـ الباحث في تاريخ المنطقة

كان الشيخ أحمد بن الأمين الشنقيطي –رحمه الله- أحد أقلام النهضة الإسلامية الحديثة، وقد احتفى التتار المسلمون في جمهورية تتارستان، بوسط روسيا، به وقاموا بطباعة كتبه الأدبية والتعريف بها على صفحات جرائدهم ومجلاتهم.. فماذا تعرف عنه؟

قازان.. مركز ثقافي وعلمي

كانت مدينة قازان، العاصمة الحالية لجمهورية تتارستان، في بداية القرن العشرين -قبل تمكّن الشيوعية فيها- إحدى أهم مراكز النشاط الثقافي والعلمي للمسلمين في روسيا القيصرية، فقد كثر فيها عدد المتعلمين والمثقفين، وانتشرت المطابع والمطبوعات والمنشورات والمدارس ودور بيع الكتب.

لذلك قصد مدينة قازان عدد من العلماء من آسيا الوسطى والقوقاز وحتى العالم العربي، ومن هؤلاء العلماء الفقيه المالكي والأديب اللغوي النحوي: أحمد بن الأمين الشنقيطي (1872-1913م)، الذي نشأ في موريتانيا وتقلّب في محاضرها ومدارسها قبل أن ينتقل في رحلة طويلة للحج ثم إلى روسيا وزار اسطنبول وسوريا ومصر حيث توفي هناك.

التقى الشيخ أحمد بن الأمين الشنقيطي في قازان عام 1908م عددا من علمائها ومثقفيها الشباب، وتعرّف على أحوال المسلمين وقضاياهم السياسية والدينية والفكرية، وصادف وجوده حلول شهر رمضان سنة 1326هـ.

“الأمومة عند العرب”

وهناك أطلعه عدد من مسلمي روسيا على كتاب صادر في قازان بعنوان “الأمومة عند العرب”، وهو من تأليف المستشرق الهولندي جورج ألكسندر فيلكن (1847- 1891م)، وترجمه عام 1902م للغة العربية بندلي صليبا الجوزي، وهو أرثوذكسي درس في “السمينار” الروسي أي مدرسة بمدينة القدس ثم أُرسل في بعثة جامعية للدراسة في روسيا في العام 1891م.

وكتاب”الأمومة عند العرب” يبحث في مسألة هي: الأبوة أقدم في العالم أم الأمومة؟ وحاول المترجم من خلال هذا الكتاب الطعن في طهارة نسب العرب ونسب نبي الإسلام عليه الصلاة والسلام.

“طهارة العرب”

وقد ألّف الشيخ أحمد بن الأمين الشنقيطي رسالة بعنوان “طهارة العرب” في 48 صفحة بطلب من مسلمي روسيا للرّد على كتاب المستشرق الهولندي ودفاعا عن العرب والإسلام، كما ذكر ذلك العلامة التتري موسى جار الله بغييف (1878-1949م) في مقدمة الكتاب التي أشاد فيها بالمؤلف، وذكر في ختامها: “نحن نشكر حضرة الأستاذ على ما قام عنا بألزم فريضة علينا وعلى ما خدمنا في ديننا حين كان ضيفا كريما عندنا”.

رد الشيخ أحمد بن الأمين الشنقيطي في رسالته على الإشكاليات التي طرحها المستشرق الهولندي، وكشف بالأمثلة عن جهله بأنساب وعادات العرب، وأنّه جانب الدقة والصواب والأسلوب العلمي الرصين في البحث.

كتب وثناء

والشيخ أحمد بن الأمين الشنقيطي كذلك صاحب عدد من الكتب المهمة، منها: كتاب “الدرر اللوامع على همع الهوامع شرح جمع الجوامع”، وكتاب “الوسيط في تراجم أدباء شنقيط”، وكتاب “الدرر في منع عمر”، وكتاب “شرح المعلقات العشر وأخبار قائليها” وغيرها.

ومما يدل على علم الشيخ أحمد بن الأمين الشنقيطي ما نقله د. مصطفى السباعي (1915- 1964م) عن محب الدين الخطيب (1886-1969م) رحمهما الله في إطار الرد على من استكثروا على أبي هريرة رضي الله عنه حفظه وجودة ذاكرته قوله: “ما شاهدناه من حفظ الشيخ الشنقيطي رحمه الله يدعو إلى الدهشة.. كان يحفظ الشعر الجاهلي كله، ويحفظ شعر أبي العلاء المعري كله، ولو رحنا نعد ما يحفظه لكان شيئا عظيما..”.

التخطي إلى شريط الأدوات