( 15 ) حوار الكاميرون الأول ـ 2015م
“مشكلة مسلمي الكاميرون الرئيسية تتركز في التعليم بكل مفرداته”.
أدار الحوار: هاني صلاح/
بهذه العبارة ألقى الضوء الشاب الداعية والناشط في العمل الإنساني «أباغانا حسن»، على التحدي الأبرز الذي يواجه مسلمي الكاميرون.
وأشار «أباغانا»؛ وهو طالب دراسات عليا بالأزهر الشريف، ومندوب جمعية تبليغ الإسلام بالكاميرون، إلى أنه لا توجد هيئة رسمية معتبرة تشرف على الشئون الدينية والدعوية في الكاميرون، لافتًا إلى أن المؤسسات التي ترعى المسلمين “محدودة جدًّا”.
غياب مؤسسات دعوية كبرى ومنظمة انعكس على الجهود الدعوية التي أضحت “تتم بشكل فردي من بعض الدعاة الذين درسوا في الجامعات الإسلامية بالدول العربية”.
تحدٍّ آخر يضاف إلى تحديات الدعوة في الكاميرون يتمثل في “الوضع الاقتصادي” الصعب لكثير من دعاة الكاميرون؛ مما يدفعهم للانخراط في دوامة العمل الحياتي بحثًا عن الاكتفاء الذاتي، وهو ما يشغلهم “رغمًا عنهم” عن التفرع الكامل والمطلوب لشئون الدعوة الإسلامية.
وحسب المصادر الإسلامية في الكاميرون، فإن نسبة المسلمين تبلغ نحو 45%، في حين تذكر الإحصائية الحكومية أنها حوالي 23%، والبقية يمثلها المسيحيون ثم “اللادينيون”. كما يتمتع مسلمو الكاميرون بكافة حقوق المواطنة، مع وجود نسبة ضئيلة من التمييز “غير المباشر” بحقهم.
جاء ذلك في سياق حوار: (دور الشباب في الدعوة والمشاركة المجتمعية في الكاميرون)، وهو الحوار الأول عن الكاميرون، والخامس عشر في سلسلة “حوارات الأقليات المسلمة على الفيسبوك”، والتي تأتي في سياق برنامج للتعريف بواقع الإسلام والمسلمين حول العالم.
وقد أُجري الحوار على الفيسبوك في فبراير 2015م، ونشر على موقع مرصد الأقليات المسلمة، وإلى الحوار..
المشاركة الأولى.. من: محمد سرحان؛ مراسل موقع “علامات أونلاين” في إسطنبول، وتتضمن ثلاثة أسئلة (أرقام: 1، 2، 3):
1ـ كم تبلغ نسبة المسلمين في المجتمع الكاميروني؟ وما خريطتهم الجغرافية والاجتماعية؟
وفقًا لإحصائية المسلمين – والتي تعد النسبة الحقيقية ـ تبلغ نسبة المسلمين بالكاميرون حوالي 45%، وباقي النسبة هي من النصاري واللادينيين، بينما إحصائية الحكومة تقول بأن نسبة المسلمين حوالي 23%، والمسيحيين نحو 60%، والباقي لـ”اللادينيين”. وفي الحقيقة فإن الحكومة تسعى لتكثير أعداد المسيحيين للاستفادة من الدعم المالي من الفاتيكان لهم.
ويتركز المسلمون في شمال الكاميرون، بينما غير المسلمين يتواجدون في الجنوب، إلا أنك ستجد بعض المسلمين يسكنون في مناطق بها غير المسلمين في الجنوب، والعكس صحيح كذلك. ويتمركز المسلمون في أربع محافظات تحديدًا؛ ثلاثة منها في الشمال، وواحدة في الجنوب.
الحالة الاجتماعية لمسلمي الكاميرون نوعًا ما جيدة، إلا أنهم يعتبرون مضطهدين نوعًا ما، ومستبعدين من مناصب سياسية هامة في الدولة، ولكن من ناحيةٍ أخرى، كثير منهم أغنياء يعملون في التجارة، ولديهم ثروة من الأبقار والأغنام التي يملكها المسلمون فقط في الكاميرون.
وأُلفتُ هنا إلى أن دولة الكاميرون بها أكثر من 250 لهجة محلية، بمعنى أن كل منطقة وقبيلة تتحدث بلغتها الخاصة بها فقط دون غيرها من المناطق؛ على سبيل المثال: اللغة التي يتحدث بها بعض سكان شمال الكاميرون لا يعرفها سكان الجنوب.
وقد يسأل سائل: كيف يتفاهم أهل البلد الواحد إذا التقوا فى مكان معين؟ أقول بأنهم يتحدثون الفرنسية، وهي لغة رسمية في البلاد يفهمها الجميع، وهي التي تجمع الكاميرونيين.
2 ـ وهل يتمتعون بكافة حقوق المواطنة أم يعانون تمييزًا؟
المسلمون في الكاميرون يتمتعون بكافة حقوق المواطنة؛ فلهم كل الحقوق، وعليهم كل الواجبات كغيرهم من المواطنين، ولكن حتى لو كان هناك تمييز؛ فإنه قليل وبشكل خفي سري جدًّا، وهو بالفعل موجود نوعًا ما، لكن ليس منتشرًا على نطاق واسع.
3 ـ كيف تتعامل حكومة الكاميرون مع اللاجئين المسلمين الفارين من المذابح في جمهورية أفريقيا الوسطى المجاورة؟
الحكومة الكاميرونية قامت بدورها الإنساني وسمحت لهم بدخول البلاد، كما أعطتهم أرضًا للسكن حتى تهدأ الأمور في بلادهم ثم يرجعون إليها بعد ذلك، لكنها لم تقدم أي مساعدات غير ذلك، إلا أنه من جهةٍ أخرى، لم تمنع حكومة الكاميرون أي جهة محلية أو دولية من تقديم المساعدة لهؤلاء اللاجئين.
والحمد لله، تأتي كثير من المنظمات الإسلامية من الخارج لمساعدة هؤلاء اللاجئين، والحكومة تقوم بدور مسهل لهذه المنظمات في إعطائهم التصاريح للعمل وغيرها. في هذا السياق؛ فقد جاءت كثير من الجمعيات؛ مثل جمعية تبليغ الإسلام والبنك الإسلامي، كما ما زالت تأتي جمعيات أخرى بهدف مساعدة هؤلاء اللاجئين.
وأشير هنا إلى أنه حتى اليوم ما زال هؤلاء اللاجئين يحتاجون إلى مساعدات إنسانية؛ فكثير منهم ما زالوا يعانون من الجوع والحرمان من السكن وغيره من الاحتياجات الملحة للإنسان؛ لأنه خرج من بلده خاوي اليدين.
المشاركة الثانية.. من: عماد الحفني من ألمانيا؛ ماجستير في الهندسة الكهربية، وتتضمن سؤالًا واحدًا (رقم: 4):
4 ـ ما هي السبل والطرق الممكنة والناجعة لتوعية المسلمين بالتخلص من العادات والتقاليد البالية التي لا علاقة لها بالإسلام، علمًا بأن عددًا لا بأس به من المسلمين، سواء في الخارج أو الداخل يتمسكون بها ظنًّا منهم بأنها من الدين؟
السبيل الوحيد يتمثل في ثلاث وسائل هي:
1 ـ الوعظ والإرشاد: سواء عبر استقدام دعاة من الخارج، أو من خلال الدعاة المحليين الذين تخرجوا في جامعة الأزهر الشريف، أو في الجامعات الإسلامية الأخرى في الدول العربية؛ كالسعودية وما يشبهها في بقية الدول الإسلامية.
2 ـ بناء المدارس الإسلامية: لتعليمهم الدين الصحيح وفق الكتاب والسنة المطهرة.
3 ـ مواصلة بناء المساجد: في كافة المناطق لتوعية رُوّادها ونصحهم حتى يتخلَّوا عما يعتقدونه من الخرافات والأشياء التي لا علاقة لها بالدين الإسلامي الحنيف.
المشاركة الثالثة.. من: أحمد التلاوي؛ باحث مصري في التنمية السياسية، وتتضمن ثلاثة أسئلة (أرقام: 5، 6، 7):
5 ـ ما هي المظلات المؤسسية التي ترعى الأقلية المسلمة في الكاميرون؟
المؤسسات التي ترعى المسلمين قليلة جدًّا، والموجود منها دوره محدود جدًّا. المؤسسات الموجودة الآن هي: جمعية تبليغ الإسلام، والتي أنا مندوب لها بالكاميرون، والندوة العالمية للشباب الإسلامي، ومؤسسة التنمية الأفريقية، وبعض المؤسسات المحلية بجهود شخصية من بعض الإخوة الكاميرونيين من خريجي الجامعات الإسلامية.
6ـ كيف تتعاملون مع المستجدات الخاصة بدخول نشاط “بوكو حرام” إلى الأراضي الكاميرونية؟
بالنسبة لـ”بوكو حرام”، هذا الأمر جديد بالنسبة لمسلمي الكاميرون لا يعرفه المسلمون عندنا في الكاميرون، وهم عندنا ليسوا من الإسلام بصلة؛ لأن الإسلام جاء للسلام لا للقتل، ولا لإدخال الرعب فى قلوب الناس، و”بوكو حرام” لم تدخل الكاميرون بعد. هم على الحدود يريدون الدخول، لكن إن شاء الله لا يدخلون.
نحن – مسلمي الكاميرون – نعيش مع غير المسلمين بسلام منذ فترة طويلة جدًّا، وما زلنا نعيش معهم، ولا نزال نعيش معهم، هذا هو الإسلام الصحيح الذي يفهمه الكاميرونيون عن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – لقوله تعالى: {لا ينهاكم الله عن الذين لم يقتلوكم فى الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم إن الله يحب المقسطين}.
7 ـ حياة المسلمين في الكاميرون؛ كيف تسير؟ وما هي أهم مشكلاتكم؟ وما الذي تطلبونه من مؤسسات العالم الإسلامي؛ مثل منظمة المؤتمر الإسلامي والأزهر الشريف؟
حياة المسلمين هي حياة عادية كحياة غيرهم من سكان البلد. نعيش مع غيرنا بسلام، وتتركز المشكلة الرئيسية لمسلمي الكاميرون في التعليم بكل أصنافه؛ لأن كثيرًا من المسلمين لا يتعلمون كثيرًا، والسبب في ذلك عدم معرفة قيمة العلم، والفقر، وقلة مدارس المسلمين؛ مثال: تجد كل كنيسة في الكاميرون بها مدرسة لتعليم الأولاد والكبار، ولكن لا تكاد تجد مسجدًا به مدرسة إسلامية لتعليم أطفال المسلمين.
ما نطلبه من المؤسسات الإسلامية هو بناء مدارس موازية لمدارس غير المسلمين، بمعنى بناء مسجد به مدرسة إسلامية تُدرَّس فيها العلوم الدنيوية بجانب العلوم الدينية، بحيث يتخرَّج الطالب المسلم منها وهو يحمل نفس العلم الذي يحمله قرينة الشاب المسيحي.
بهذا يشارك مع الشاب المسيحي في تقلد المناصب في الحكومة، وفي نفس الوقت يكون قد اكتسب العلوم الدينية، وفهِم الإسلام فهمًا صحيحًا، وهو بهذا يتأهَّل لدعوة أقرانه في العمل من الزملاء المسيحيين إلى الإسلام خلال عملهما معًا في الإدارة الحكومية، وأيضًا يستطيع المسلم منافسة المسيحي فى كل شئون الدولة، ويتأهل للأفضل بالعلم والمهارات التي تعلمها.
المشاركة الرابعة.. من: يسري الخطيب؛ شاعر وباحث إسلامي، ورئيس القسم الثقافي بموقع “الأمة”، وتتضمن ثلاثة أسئلة (أرقام: 8، 9، 10):
السلام عليكم.. أبلغ تحياتي لصديقي حسن وكل مسلمي الكاميرون..
8 ـ ما هي العقبات التي تواجه الداعية المسلم في الكاميرون؟
1 ـ الحالة المادية: بمعني أن الداعية لابد أن يتكفل به أحد، وإلا فعليه أن ينخرط في المجتمع لطلب لقمة العيش، وإذا انشغل الداعية بالعمل كي يأتي بقوت يومه؛ فإنه لا يكون لديه وقت ليتفرغ للدعوة.
وفي الشئون الدينية، المسلمون في الكاميرون ليس لهم حق في طلب الأجور من الحكومة؛ لأن النظام علماني لا يعترف بالدين، والمسلمون قلة في البلاد، لكن المسيحيين لديهم مرتبات يأخذونها (من تحت المكتب)؛ لأن الرئيس نفسه مسيحي، وعليه أن يخدم الكنيسة، بينما إذا طلب المسلمون هذا الحق تقول الحكومة: إن الدولة علمانية. وحسبنا الله ونعم الوكيل، والله المستعان.
2ـ قلة المدارس الإسلامية: لتعليم أولاد المسلمين العلوم الإسلامية.
3ـ غياب التواصل مع العالم الإسلامي: نحتاج لرفع الروح المعنوية؛ من خلال تشجيع الدعاة نفسيًّا من قبل الدول العربية والإسلامية.. نريد أن يُشعرونا أنهم معنا دائمًا، وأن يزورونا ويلتقوا معنا للتشجيع والتواصل.
9 ـ ما دور الدعاة في مواجهة حرب التنصير في أفريقيا عامةً؟
الدعاة يواجهون التنصير بقوة وحماسة، لكنهم لا يستطيعون أن يفعلوا ما يفعله النصارى من إغراء الناس بالأموال والهدايا، ومع ذلك فإن الإسلام ينتشر بقوة عالية، وكل يوم يعتنق غير المسلمين الإسلام من شتى ربوع الكاميرون، والحمد لله.
إن الإسلام دائمًا إذا ضُيق عليه ينتشر، وفي هذه الأيام نسمع غير المسلمين يقولون: إن الإسلام هو الدين الصحيح، ودليلهم على ذلك أن المسلمين يُصلُّون في اليوم خمس مرات ولا يتكاسلون، لكنهم هم يذهبون إلى الكنيسة مرة في الأسبوع، ومع هذا فإنهم لا يذهبون؛ لذلك فإنهم يرون أن المسلمين وما يعتقدونه هو الدين الحق، وهذا هو السبب في دخول كثير من شباب النصارى في الإسلام في الكاميرون، ولله الحمد والمنة.
10ـ هل يعود الإسلام من أفريقيا بعد تدهور حال العرب.. ونسود العالم بهذا الدين؟
جاء الدين غريبًا، وسيعود غريبًا، فطوبى للغرباء. حالة العرب تدهورت، ولكن حالة الإسلام لم تتدهور، ولن تتدهور إن شاء الله، ولنا أمل كبير في الله تعالى أن الإسلام سيسود العالم؛ لتكون كلمة الله هي العليا.
المشاركة الخامسة.. من: شادي الأيوبي؛ صحفي لبناني مقيم في اليونان، وتتضمن سؤالًا واحدًا (رقم: 11):
11ـ سؤال عن دور طلبة العلم الذين يأتون إلى الدول العربية في نشر العلم والتوعية في البلد.. مع الشكر.
الطلبة الذين يذهبون إلى الدول العربية للتعلم في جامعاتها الإسلامية يرجعون إلى بلادهم وأغلبهم يقوم بدوره الدعوي المطلوب منه، إلا أن بعضهم له دور قاصر في الدعوة رغمًا عنه، وليس بإرادته؛ ذلك لأنه يجد نفسه في أسرة فقيرة، ولابد أن يعمل كي يأتي بقوت يومه، والوقت الذي يعطيه للدعوة قليل، لكن كلهم يقوم بهذا الدور الدعوي إلى الله تعالى، كل على حسب قدرته.
ولا يوجد في الكاميرون جهة تهتم بالدعوة والإرشاد، وكل الدعاة يدعون إلى الله بجهودهم الشخصية، والله يهدي إلى سواء السبيل.
المشاركة السادسة.. من: وليد خطاب؛ إعلامي مقيم في الدوحة، وتتضمن سؤالًا واحدًا (رقم: 12):
12 ـ كيف نستطيع كمسلمين إظهار مدى روعة وجمال إسلامنا في مجتمع متعدد اﻷديان، فهذا يجذب أكثر من الدعوة المباشرة؟
نستطيع إظهار روعة الإسلام وسماحته وجماله عن طريق المعاملة الحسنة التي ربّانا بها سيدنا محمد – صلى الله عليه وسلم – وحب غير المسلم وإعطائه بعض الهدايا، مع إعلامه أن ذلك من الإيمان ومن الإسلام، فهذا يجعل في قلب غير المسلم حبًّا للدين الإسلامي.
وأيضًا مشاركة غير المسلم في المناسبات العادية؛ مثلًا ندعوه إلى الأكل في عيد الفطر ونفرح معه، وإذا أصابه شيء من المكروه نزوره ونساعده، وإن مات في بيته أحد نهبُّ إليه لنعزيه.
نحاول كل المحاولة ألا يرى منا إلا السماحة وحب الخير، فبذلك – إن شاء الله -يجذب غير المسلم لاعتناق الإسلام بعد هداية الله له.