مسلمون حول العالم
نافذتك إلى أخبار الأقليات المسلمة

10 أولويات علينا تحقيقها

حوار مع ياسين لفرم الرئيس الجديد لاتحاد الهيئات الإسلامية الإيطالية

أكد الرئيس الجديد لاتحاد الهيئات الإسلامية الإيطالية، ياسين لفرم، خلال حوار مع «المجتمع»، أن «الملف الحقوقي» يأتي على رأس أولوياتهم العشر التي يهدف الفريق الجديد لـ«الاتحاد»، المشكّل جميعه من الشباب، إلى تحقيقها خلال المرحلة القادمة، مشيراً إلى أن على قائمة أولوياتهم الحفاظ على الهوية الإسلامية للأجيال، مع إذكاء روح المواطنة وثقافة المشاركة المجتمعية؛ «فإننا سنعمل لتكون هويتنا الإسلامية منفتحة تمد يدها إلى الآخر، وتتعامل معه في المشترك الإنساني والقيمي، حريصة على جلب المصالح ودفع المفاسد عن المجتمع الذي نعيش فيه».

• كيف تعرّفون إيطاليا كدولة وشعب للقارئ العربي؟
– إيطاليا دولة عريقة ضاربة في التاريخ من قبل الإمبراطورية الرومانية، وهي عضو مؤسس ومؤثر بالاتحاد الأوربي، وعضو بحلف «الناتو»، وتربطها علاقات خاصة بالفاتيكان وبمؤسسات الكنيسة الكاثوليكية العالمية.
كما تعتبر إيطاليا من الدول المؤسسة لمجموعة «سبعة» (G7)، ولها علاقات تجارية ومصالح اقتصادية وثقافية مع العديد من الدول العربية والإسلامية، وهي دولة فاعلة في حوض البحر المتوسط والشرق الأوسط.
عدد سكانها اليوم تجاوز 60 مليون نسمة، منهم 5.5 مليون مهاجرون تقريباً ومقيمون بصفة قانونية، بينهم أكثر من مليوني مسلم.
والشعب الإيطالي في غالبيته شعب مسالم ومنفتح على الآخر، ويتسم بصفات وقيم شعوب البحر المتوسط من حرارة العلاقات الإنسانية والنزعة الفطرية لمساعدة المحتاج، كما أنه شعب يقدر ثقافة العمل والإبداع والابتكار، حتى إن المادة الأولى من دستور البلاد تؤكد أن إيطاليا جمهورية تقوم على العمل.
• ماذا عن مسلمي إيطاليا؟
– بدأ توافد المسلمين إلى إيطاليا منتصف السبعينيات من القرن الماضي على شكل بعثات طلابية من المشرق العربي (سورية ولبنان وفلسطين والأردن والعراق ومصر)، ثم التحق بهم أعداد من المغاربة نهاية السبعينيات وبداية الثمانينيات، لكن أعداد المسلمين ظلت محدودة وأغلبها بالمدن الجامعية.
غير أن أعداد المهاجرين المسلمين تزايدت مع الطفرة الصناعية والزراعية والسياحية الكبيرة التي عرفتها إيطاليا نهاية الثمانينيات؛ ففتحت أبوابها للعمالة الأجنبية ومنها العربية والإسلامية، وتمت تسوية أوضاعهم القانونية، وكانت حصة الأسد للعمالة القادمة من ألبانيا والمغرب العربي ومصر والسنغال وغانا ونيجيريا.
ثم كانت حرب البلقان التي دفعت بالعديد من اللاجئين والمهاجرين المسلمين إلى الاستقرار في إيطاليا.
وأخيراً وليس آخراً، تسببت الحروب والاضطرابات السياسية التي وقعت في دول مثل أفغانستان واليمن وبنجلاديش وسورية وليبيا وغيرها في وصول مئات الآلاف من اللاجئين المسلمين إلى إيطاليا.
ومع مرور السنين، أدى تنامي الوجود الإسلامي بإيطاليا إلى تعرف العديد من الإيطاليين الأصلاء على الإسلام والمسلمين؛ فاعتنقوا الإسلام وصاروا أعضاء فاعلين في الأقلية المسلمة، وحسب الإحصاءات التي أعلنتها المؤسسة الأمريكية «PEW RESEARCH»؛ يصل عدد مسلمي إيطاليا اليوم إلى نحو 2.8 مليون نسمة؛ أي ما يعادل 4.8% من عدد سكانها، وهي أرقام تقترب من تلك التي أعلنتها مؤسسة «ISMU» الإيطالية التي تقدر عدد المسلمين بإيطاليا في حدود 2.6 مليون نسمة.
• بصفتك الرئيس الجديد لاتحاد الهيئات الإسلامية في إيطاليا، ما أبرز أولوياتكم في العمل الدعوي والمجتمعي؟
– بداية، نذكر بفضل من كان له سبق التأسيس للعمل الإسلامي في إيطاليا، ونؤكد أن العديد من الإنجازات قد تحققت بفضل هذه الجهود والتضحيات الطيبة منهم.
وبشأن المرحلة القادمة؛ فهناك 10 أولويات يعتزم فريق العمل الجديد بذل الجهد فيها:
1- الملف الحقوقي: يأتي هذا على رأس اهتمامات الهيئة الإدارية الجديدة، إذ إن الأقلية المسلمة في إيطاليا التي تمثل ثاني طائفة دينية من حيث العدد، لم تصل بعد إلى اتفاق إطاري مع الحكومة الإيطالية بشأن حقوق المسلمين الدينية، كما تنص المادة الثامنة من الدستور وغيرها.
ولا يزال مسلمو إيطاليا -مواطنون ومقيمون- يخضعون في الجانب الديني لقوانين تم سنّها في ثلاثينيات القرن الماضي إبان الحكم الفاشي لـ«موسوليني».
لذا فإن الهيئة الإدارية الجديدة للاتحاد عازمة على استيفاء كافة الشروط القانونية لتقديم ملف كامل نطالب من خلاله الحكومة الإيطالية ببدء عملية تفاوض مع ممثلي الأقلية المسلمة بغية الوصول إلى الاتفاق الإطاري الذي سيؤسس لعلاقة أساسها الاحترام والتعاون والتعايش، ويضمن حقوق المسلمين في الحاضر والمستقبل.
2- الارتقاء بالموارد البشرية والمادية: وتعميق الفهم والأداء المؤسسي عبر تطوير اللوائح والنظم الداخلية؛ فالهيئة الإدارية للاتحاد على قناعة بأن أساس كل عمل جاد ومثمر قيادات راشدة ومتجردة تقدر المسؤولية وتعمل بروح الفريق لإنجاز خطة مدروسة ومعلومة الأهداف والوسائل والمراحل.
كما نؤمن بأن المال أساس الأعمال، وأن العمل الإسلامي في الغرب لا يمكن أن يحقق أهدافه إلا إذا انتقلنا به من العمل الطوعي إلى العمل المؤسسي، وهذا الانتقال يكون نوعياً إذا توافرت له إمكانات مالية كافية تعطيه القوة والاستقلالية والاستمرارية.
3- إذكاء ثقافة الحوار ومد الجسور مع الآخرين: من خلال مواصلة وتعميق جهود الحوار الإسلامي – الإسلامي، وكذلك بالارتقاء بحوار الحضارات وأتباع الأديان المختلفة، كما سنحرص على مد الجسور مع كافة شرائح المجتمع على اختلاف مؤسساته وهيئاته.
4- الحفاظ على الهوية الإسلامية للأجيال: مع إذكاء روح المواطنة وثقافة المشاركة المجتمعية؛ فإننا سنعمل لتكون هويتنا الإسلامية منفتحة تمد يدها إلى الآخر، وتتعامل معه في المشترك الإنساني والقيمي، حريصة على جلب المصالح ودفع المفاسد عن المجتمع الذي نعيش فيه.
5- تعزيز تماسك الأسرة المسلمة: لتقوم بدورها التربوي والاجتماعي على أكمل وجه وتسودها المودة والرحمة؛ فالأسرة في تصورنا هي الخلية الأولى للمجتمع، وفي أحضانها تتربى الأجيال، وكلما كانت واعية بدورها متماسكة بين أفرادها قامت بأعبائها التربوية على أكمل وجه.
6- مواجهة حملات التشويه الممنهج لصورة الإسلام والمسلمين، والتصدي بقوة القانون لظاهرة «الإسلاموفوبيا» والتمييز العنصري والعنف اللفظي والجسدي الذي قد تتعرض له الطائفة المسلمة بإيطاليا.
7- الاهتمام بالنخبة الإسلامية وتأطير وتوجيه الشباب المسلم ليكون متميزاً في دراسته ناجحاً في نشاطه المهني صانعاً للحياة والإفادة منه فيما يخدم مصالح المسلمين والمجتمع.
8- بذل الجهد والوسع لمد الجسور بين إيطاليا ودولنا العربية والإسلامية فيما يخدم المصالح المشتركة وفي حدود الإمكانات المتاحة.
9- مواجهة التطرف وخطاب الكراهية بالوقوف بحزم وتبصر أمام مظاهر وأشكال التطرف وخطاب الكراهية والعنف، ووقاية الشباب المسلم من شرور هذا الفكر المنحرف الضال بالعلم النافع القائم على الدليل الشرعي.
10- نشر الفهم الصحيح للإسلام عبر إقامة المؤتمرات والمخيمات الصيفية والملتقيات الجامعة وكل المناشط التي من شأنها نشر الفهم الصحيح للإسلام، والتعاون مع كل الخيرين في أي من الأهداف المشتركة لتوطين الوجود الإسلامي بإيطاليا على أساس من الاحترام والتعاون والمسؤولية المشتركة.


• ما أبرز التحديات التي تعترضكم خلال سعيكم لتحقيق هذه الأهداف؟
– أبرز التحديات خمسة:
1- الحسم في الانتقال الفعلي إلى العمل المؤسسي بتطوير منظومة اللوائح والنظم الداخلية والعمل وفق معايير الجودة.
2- تحدي الهوية الدينية للأجيال في إطار ثقافة المواطنة التي نؤمن بها وندعو إليها.
3- التحدي الحقوقي وملف الاعتراف بحقوق المسلمين الدينية.
4- جمع كلمة المسلمين في إيطاليا والمؤسسات الإسلامية الوطنية والفاعلة على القواسم المشتركة وفي المواقف المهمة.
5- التحدي المالي الذي يعيق جهودنا لتدريب القيادات وتأطير النخب وصناعة الرأي العام وتطوير أدائنا الإعلامي لتصحيح الصورة النمطية عن الإسلام والمسلمين.
• ماذا عن الإنجازات التي تحققت بالفعل؟
– من بين الإنجازات المهمة التي تم تحقيقها:
1- تأسيس مئات المراكز الإسلامية والجمعيات الوطنية والمحلية لتأطير العمل الإسلامي وتلبية احتياجات مسلمي إيطاليا.
2- فتح العديد من مدارس نهاية الأسبوع لتعليم اللغة العربية والقرآن وتعاليم الإسلام للناشئة والمسلمين الجدد من الإيطاليين وغيرهم.
3- المشاركة الفاعلة في العديد من الفعاليات المهمة والنوعية في قضايا الحوار الحضاري والحوار بين أتباع الديانات المختلفة.
4- التفاعل الإعلامي مع الأحداث المتسارعة لتوضيح الموقف الإسلامي الصحيح من مختلف القضايا وبيان حقيقة الوجود الإسلامي ومشروعه الحضاري.
5- التواصل مع أعضاء الحكومات المتعاقبة للمطالبة بحقوق المسلمين والدفاع عنها، وتوقيع اتفاق العام الماضي مع وزارة الداخلية يضع خارطة طريق تسهل مسار الاتفاق بالإطار الشامل الذي أقره الدستور الإيطالي في مادته الثامنة.
6- توقيع اتفاق إطاري مع وزارة العدل الإيطالية ومع المصلحة المركزية للسجون لتأمين خدمة صلاة الجمعة بداخلها، وتقديم الرعاية الروحية والنصح للسجناء المسلمين ومتابعة شؤونهم وحاجياتهم.
7- التعاون مع الجمعية الإيطالية للأئمة والمرشدين للارتقاء بمستوى أداء الأئمة والدعاة والمرشدات وتطوير خطابهم بما يناسب البيئة الأوروبية ويخدم مصالح المسلمين.
• ما أبرز توصياتكم المستقبلية لترسيخ التواجد الإسلامي بشكل إيجابي في إيطاليا؟
– نوصي أنفسنا وإخواننا بستة أمور:
1- تقوية الصلة بالله وحسن التوكل عليه أخذاً بالأسباب وعملاً بالنظم واللوائح.
2- ترسيخ الوعي والأداء المؤسسي والانتقال من القيادة الهرمية إلى القيادة الشبكية.
3- الاستثمار في النخب والكفاءات من خلال استيعاب الطاقات الحية والتدريب القيادي التخصصي المتواصل.
4- الاهتمام الكبير بالإعلام والتواصل الاجتماعي.
5- تأمين موارد مالية كافية وحسن إدارتها لتحقيق الأهداف المرجوة بأقل تكلفة وفي ظل الشفافية الكاملة.
6- الانفتاح على الآخرين ومد الجسور دون ذوبان.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المجتمع ـ 04 سبتمبر 2018 ـ هاني صلاح

التخطي إلى شريط الأدوات