مسلمون حول العالم ـ خاص ـ هاني صلاح

في جنوب الفلبين، حيث تتقاطع الجغرافيا مع الذاكرة التاريخية لشعوب مورو المسلمة، برز كيان سياسي جديد يجسد ثمرة نضال طويل من أجل العدالة والتنمية والهوية. إنه إقليم بانجسامورو المتمتع بالحكم الذاتي في مينداناو الجنوبية (Bangsamoro Autonomous Region in Muslim Mindanao – BARMM)؛ أول كيان سياسي في تاريخ الفلبين يحظى بصلاحيات أوسع من أي شكل سابق للحكم الذاتي، جامعًا تحت مظلته مناطق الأغلبية المسلمة في الجنوب.

ثمرة اتفاق السلام الشامل

تأسس الإقليم رسميًا عام 2019 بعد إقرار قانون بانجسامورو الأساسي (Bangsamoro Organic Law)، الذي جاء ثمرة اتفاق السلام الشامل بين الحكومة الفلبينية وجبهة تحرير مورو الإسلامية، ليشكّل محطة تاريخية في مسار السعي نحو السلام الدائم والتنمية الشاملة.

يضم الإقليم اليوم برلمانًا محليًا وحكومة مستقلة يرأسها كبير الوزراء، ويُعدّ نموذجًا متقدّمًا للحكم الذاتي الموسّع؛ إذ يتمتع بصلاحيات تشريعية وإدارية واقتصادية وثقافية واسعة، تتيح له رسم سياساته الداخلية بما يتناسب مع خصوصيته الدينية والاجتماعية والثقافية.

مراسم أداء القسم الرسمي لموظفي مكتب رئيس الوزراء الجدد

وفي مشهد رمزي يحمل دلالات عميقة، أُقيمت مؤخرًا مراسم أداء القسم الرسمي لموظفي مكتب رئيس الوزراء الجدد، في احتفال أكّد مجددًا على التزام حكومة بانجسامورو بمبادئ الحكم الأخلاقي والخدمة العامة. وقد شدد البيان الصادر بالمناسبة على أن كل مُعيَّن جديد يحمل الأمانة لخدمة شعب بانغسامورو بنزاهة وكفاءة ورحمة.

كما أشار البيان إلى أن الحكومة تواصل بناء مؤسساتها الإدارية وفق رؤية واضحة قوامها العدالة والسلام والازدهار، تحت شعار #MasMatatagNaBangsamoro الذي يعني بانجسامورو أكثر صلابة، وهو البرنامج الشامل الذي يوجّه مسار التنمية والإصلاح الإداري في الإقليم.

إن بانجسامورو، بما تمثّله من تجربة فريدة في الحكم الذاتي الرشيد، أصبحت اليوم رمزًا لآمال شعب مورو المسلم الذي يسعى لترسيخ السلام الاجتماعي والحفاظ على الهوية، وبناء مستقبلٍ يجمع بين القيم الإسلامية وروح المواطنة الحديثة في فضاء فلبيني متنوع ومتعدد.