مسلمون حول العالم
نافذتك إلى أخبار الأقليات المسلمة

“احترام الإنسان، التعارف، المواطنة”.. أولويات خطابنا الديني

حوار مع الشيخ "كفاح مصطفى"، الإمام والمدير العام للمركز الإسلامي للصلاة بشيكاغو

شدد الشيخ “كفاح مصطفى”، الإمام والمدير العام للمركز الإسلامي للصلاة بشيكاغو، ورئيس تجمع الأئمة في ولاية الينوي، وفي ذات الوقت ممثل دار الفتوى اللبنانية في أمريكا، على أهمية أن يتضمن الخطاب الديني العام للمسلمين بالدول الغير مسلمة الأسس الإنسانية التي تضمنتها الشريعة الإسلامية والتي تحث على التعارف والتواصل والتعاون بين الشعوب الإنسانية على أسس الاحترام المتبادل والتعاون على تحقيق المنفعة لجميع أبناء المجتمع الواحد من مختلف أتباع الديانات..

جاء ذلك خلال حواره الخاص حول أولويات الخطاب الديني العام للمسلمين بالدول الغير مسلمة (أمريكا.. نموذجاً)، وإلى الحوار..

محورين

ـ بدايةً.. ما هى الأسس العامة الأساسية التي ينبغي أن يبنى عليها أي خطاب ديني إسلامي عام في كل زمان ومكان؟

ـ ينبغي أن يراعي الخطاب الديني العام محورين رئيسيين:

أولاً: تعظيم الله لا الإنسان: وهذا كان واضحاً في الخطاب لأهل الكتاب: {تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم ألا نعبد إلا الله ولا نشرك به شيئا ولا يتخذ بعضنا بعضا أربابا من دون الله}. حتى إن إستخدام لفظ (تعالوا) ليس فيه معنى الإتيان فقط؛ إنما معنى التعالي فوق ربوبية الناس بعضهم لبعض إذ لا تتحقق إلا بإعلان أن الجميع عباداً لله.

ومن هنا نفهم ما قاله ربعي ابن عامر: “لنخرج العباد من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد”.

ثانياً: الدعوة الى مكارم الأخلاق: يغفل الكثيرون عند دراسة السيرة أنه لولا الأربعون سنة قبل البعثة بصفة الصادق الأمين {وإنك لعلى خلق عظيم} لما قبِل الناس نبوة محمد صلى الله عليه وسلم.

وهذه خديجة رضي الله عنها تثبت قلب محمد صلى الله عليه وسلم وتجعله أهلا لإستلام مشعل النبوة بوصف أخلاقه: ” إنك لتصل الرحم وتصدق الحديث وتحمل الكل وتقري الضيف وتعين على نوائب الحياة.”

ثم هذا جعفر بن أبي طالب رضي الله عنه يشرح ما قبل وبعد الإسلام بمنظومة الأخلاق: ” كنا قومًا أهل جاهلية، نعبدالأصنام، ونأكل الميتة، ونأتي الفواحش، ونقطعالأرحام، ونسيءالجوار، يأكل القوي منا الضعيف. فكنا على ذلك حتى بعث الله إلينا رسولاً نعرف نسبه وصدقه وأمانته وعفافه دعانا إلى الله لنوحده ونعبده، ونخلع ما كنا نعبد نحن وآباؤنا من دونه من الحجارة والأوثان، وأمرنا بصدق الحديث، وأداءالأمانة، وصلة الرحم، وحسن الجوار، والكف عن المحارم والدماء، ونهانا عن الفواحش، وقول الزور، وأكل مال اليتيم، وقذف المحصنة، وأمرنا أن نعبد الله وحده لا نشرك به شيئًا، وأمرنا بالصلاة والزكاة والصيام.”

أسس ثلاث

ـ برأيكم.. وفي هذا العصر.. ما هى أولويات الخطاب الديني للمسلمين بالدول الغير إسلامية (الأقليات المسلمة) حول العالم؟

ـ في المجتمعات التي يعيش فيها المسلمون كأقلية؛ يلزمهم مراعاة ثلاث محاور رئيسية في خطابهم الديني العام، وهى:

أ ـ إحترام الإنسان:  {ولقد كرمنا بني آدم وحملناهم في البر والبحر} والملاحظ أن دعوة النبي صلى الله عليه وسلم كانت دعوة خدماتية لحاجات البشر وذلكم كان روح الشريعة رفع الضرر وجلب المصالح.

ب ـ التعارف: {وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا}. فالتعارف يولد الثقة، والثقة تحصد الأمان بين الناس.

ج ـ المواطنة الواحدة: {ولكم في الأرض مستقر ومتاع}. وذلك من خلال تبني قضايا المجتمع الواحد، والوقوف أمام المفاسد كالجريمة، والدعوة الى الحقوق المدنية للناس عامة كفرص العمل والسكن والعلاج وغيرها من متطلبات الناس الأساسية.

ـ وهل تعتقدون بأن ربما يكون لكل منطقة جغرافية أولويات خاصة (إضافية) لخطابهم الديني في منطقتهم؟

ـ نعم هذا صحيح، ومجرد الإشارة إلى دائرة المصالح الخاصة المشتركة في المنطقة الواحدة يفي بالغرض ويوصل رسالة الإسلام إلى الناس التي تحث على التعارف والتعاون لم فيه خير الناس جميعاً.

مستويات ثلاث للتواصل مع الآخر

وختاماً.. وبحسب تجربتكم الخاصة، كيف يمكن للأئمة والدعاة من توصيل هذا الخطاب الديني للآخر بكل وضوح؟

ـ هناك مستويات متعددة للتواصل مع الآخر بهدف توصيل رسالة الإسلام صافية واضحة صحيحة وفق هذا الخطاب، وأهمها:

أ ـ التواصل مع المؤسسات التعليمية: من خلال فتح أبواب المساجد لغير المسلمين للتعرف على الإسلام ولو من خلال العادات والتقاليد. والإهتمام بدعم الأنشطة التعريفية بالإسلام في الجامعات من قبل مؤسسات الطلبة المسلمين. وتفريغ الوقت لزيارة المدارس والجامعات وإعطاء ندوات عن الإسلام الصحيح.

ب ـ التواصل مع الهيئات الدينية: من خلال حوار الأديان الخدماتي للمجتمع لا المناظراتي لإثبات من الديانة الصحيحة. وبهذا تتحقق رسالة الإسلام في التعاون في المشتركات الإنسانية التي تراعي مصالح الناس من مختلف أتباع الديانات.

ج ـ التواصل مع المؤسسات الحكومية: لتفعيل دور المسلم في الحفاظ على أمن البلد. والارتقاء بالمجتمع في كافة المجالات الحياتية.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

هاني صلاح ـ العدد (2111) لمجلة المجتمع الكويتية، سبتمبر2017م.

 

التخطي إلى شريط الأدوات