مسلمون حول العالم
نافذتك إلى أخبار الأقليات المسلمة

مؤسس أول متحف للتراث الإسلامي الألباني: تراثنا “بات يتيمًا”!

حوار خاص مع الباحث الألباني سمير إسماعيلي صاحب مبادرة تأثيث أول متحف للتراث الإسلامي الألباني

مسلمون حول العالم ـ خاص

حوار: هاني صلاح ـ تيرانا

قال الباحث الألباني سمير اسماعيلي بأن التراث الإسلامي الألباني بات يتيمًا ولا توجد مؤسسة تتحمل عبء البحث في هذا التراث وتجميعه والحفاظ عليه، وهو ما دفعه لإطلاق مبادرته الشخصية وبشكل فردي لتجميع التراث العلمي والمقتنيات الأثرية القديمة وأنشأ بها متحف صغير في مركز لمؤسسة تراثية أسسها خصيصا لهذا الغرض.

الباحث الألباني سمير إسماعيلي.. في سطور..

هو خريج جامعة عجمان للعلوم و التكنولوجيا، كلية التربية و اللغة العربية, بدولة الإمارات العربية المتحدة.

بعد عودته إلى ألبانيا بدأ بجمع المقتنيات الأثرية التي تخص الدين الإسلامي، وخلال سنوات جمع كمًا لا بأس به منها لذا هذا شجعه على تأسيس مؤسسة تراثية سماها مؤسسة توثيق التراث الإسلامي الألباني.

وفتح متحفا صغيرا وضع فيه كل ما حصله خلال عدة سنوات من الأثريات والمخطوطات العثمانية و المراسيم السلطانية وأشياء كثيرة متنوعة تتعلق بالمسلمين خلال الحقبة العثمانية وجعل كل هذا وقف للمؤسسة كي يستفيد منه الباحثين والدارسين.

موقع “مسلمون حول العالم” ألتقى الباحث الألباني سمير إسماعيلي في متحفه الأثري في العاصمة تيرانا ودار هذا الحوار..

ـ هذا المتحف الصغير الذي قمتم بافتتاحه في هذه الشقة بالعاصمة تيرانا.. جهد من؟

هذا جهد شخصي، والحمد لله، ليس مدعومًا من أحد؛ لكن كانت رغبتي أن أجمع هذا التراث الألباني الإسلامي من مخطوطات ومقتنيات أثرية وكثير منها بعدة لغات شرقية عربية وفارسية وعثمانية خشية ضياعه نتيجة للاهمال، وتقديمه للباحثين في التراث كي يستفيدوا منه في دراستهم وابحاثهم.

و الحقيقية أننا بفضل الله استطعنا الحفاظ على هذه الكنوز و الأصول التاريخية من عاملين مدمرين:

1- أناس ذوو نوايا خبيثة, يسعون جادين في مشروعهم الذي هو تجريد مسلمي ألبانيا من هذه الكنوز التراثية ليثبتوا للعالم فكرتهم التي ما زالوا يروجونها من أن الشعب الألباني لم يبدلوا دينهم النصراني سوى أن غيروا أسماؤهم.

2- الفرقة الحشوية التي تعتقد أن هذه الكتب المخطوطة مليئة بالبدعة و الضلالة . فقاموا في غير موضع واحد بحرق مخطوطات باللغة العثمانية زاعمين أنها كتب شعوذة و سحر.

وأزعم بأنه يوجد في الأوراق والمستندات التي جمعناها وثائق قديمة وهامة وقيمة جدًا بثلاث لغات شرقية هى العثمانية والعربية والفارسية، وهى تستحق دراستها من قبل خبراء هذه اللغات الثلاث لاستخراج كنوزها المعرفية والتاريخية.

ـ ما سبب اهتمامكم بهذا المشروع الكبير الذي غالبا ما تتحمله دول أو مؤسسات كبيرة؟

منذ الصغر كنت أحب جمع الأشياء القديمة، لكن البداية الحقيقية لمشروعي التراثي الحالي كانت في عام 2014م، عندما كنت إمامًا في مسجد “كوكونوزي” بالعاصمة الألبانية تيرانا، ولدى خروجي من المسجد رأيت أحد التجار يبيع كتب دينية قديمة، لم تكن مخطوطات لكن كانت مجموعة من كتب الفقه والعقيدة؛ فقلت له: أنا سوف اشتريها منك حتى لا تتضرر أو تذهب إلى من لا يهتم بها… بعدها مباشرة أخذت قرارا بضرورة جمع كل الكتب الدينية التي تباع في الشوارع وكانت هذه البداية وتوسع الأمر حتى بت أجمع المخطوطات القديمة والمقتنيات الأثرية التاريخية على اختلاف أنواعها طالما ذات صلة بالتاريخ الإسلامي في ألبانيا.

هكذا، وبعد سنة من بدء جمع هذه الأثريات وتحديدا في عام 2015م، قررت أن أؤسس مؤسسة رسمية قانونية حتى أضمن الحفاظ على ما قمته بجمعه وما سوف أجمعه في المستقبل وجعله وقفًا للمؤسسة وليس ملك خاص بي أو بعائلتي.

وأطلقت على المؤسسة الجديدة اسم “مركز حماية التراث الإسلامي الألباني”، و مستشيرا بزميلي الفاضل, الشاعر الشهير , السيد: أروين خطيبي, أطلقت عليها كضيف شرف اسم الشيخ صبري كوتشي، أول رئيس للمشيخة الإسلامية بعد سقوط النظام الشيوعي في ألبانيا؛ فقد كان رحمه الله تعالى شيخًا عظيمًا وبارزًا”.

لكن غيرت اسم المركز هذا لأن بعض ورثته ظنوا أني استخدم اسمه لتحقيق مكاسب مالية؛ فاضطررت إلى تغيير اسم المؤسسة، وسميتها “مركز توثيق التراث الإسلامي في ألبانيا”.

ومنذ ذلك اليوم ونحن نجمع مخطوطات ونشتريها من بعض التجار في السوق وقليل منها أهدي إلينا من ورثة العلماء القدامى.

ـ هل تلقيتم أي دعم مالي أو أدبي من أي مؤسسات لمساعدتكم على جمع هذا التراث؟

للأسف الشديد لم نلق دعمًا لهذا المشروع من أي مؤسسة؛ مع أننا قدمنا مشروعنا لبعض المؤسسات التي تهتم بالتاريخ سواء أكانت عربية أو غير عربية ولكن مع الأسف وحتى الآن لم نلق دعمًا من أحد للمضي قدمًا في هذا المشروع لجمع أو شراء جميع ما يوجد في ألبانيا.

ولفت إلى أنه يوجد تجار يشترون هذه المخطوطات والمقتنيات الأثرية بهدف بيعها لاحقًا بأثمان باهظة “وأنا شخصيًا لا يمكنني تحمل هذه المبالغ الكبيرة”.

ومع ذلك فالحمد لله.. شيأ.. فشيأ.. جمعنا قدرًا لا بأس به من التراث لفتح هذا المتحف الصغير بجهودي الشخصية دون أي دعم من أحد مع الأسف، وكل ما تجدونه وترونه هنا من أثريات لها قيمة كبيرة جدا في السوق لكنها هنا هي وقفا لله تعالى لهذا المركز مني ولا أحد من ورثتي سيكون له حق في هذا الوقف، وهدفي تركه متاحا للجميع بهدف دراسته.

ـ ما هى التحديات التي تواجهكم في مساعيكم لجمع المقتنيات الأثرية والمخطوطات والكتب القديمة؟

التحديات التي تواجههنا كثيرة، ولكن أكبرها يتمثل في غياب الدعم المالي مما يجعلنا غير قادرين على شراء كل شيء في السوق سواء من المخطوطات أو المقتنيات الأثرية.

وهنا ألفت الانتباه إلى أن هناك تجار متخصصون في جمع هذه المخطوطات والمقتنيات الأثرية وبيعها لمن يدفع أكثر، وهذا يمكن أن تضيع منا ويشتريها أناس بعضهم ليسوا ألبان ولا تعود إلينا من جديد وهذا يعرض تاريخنا الإسلامي في ألبانيا لهزة كبيرة بعد زالزال الحقبة الشيوعية الذي دمر جزء كبير وعظيم من تراثنا خلال محاربته الأديان وتجريم أتباعها.

كذلك تحديات أخرى متعلقة كذلك بغياب الدعم المالي حيث لا نستطيع شراء آلات التصوير المناسبة كي نقوم بتصوير الوثائق والمستندات والمخطوطات ونشرها على موقع الكتروني نطمح في إطلاقه مستقبلا بجانب توفيرها في مكتبة المتحف للباحثين كي يستفيدوا منها في أبحاثهم ودراساتهم التخصصية في التراث الألباني الإسلامي القديم.

كما نحن في حاجة لاطلاع خبراء اللغات الشرقية العربية والفارسية والعثمانية على هذه الوثائق والمستندات والمخطوطات لتوضيح أهميتها وتلخيص أبرز ما تتضمنه من معلومات.

ـ مستقبلًا.. بماذا تحلم؟

حلمي في المستقبل أن نمتلك مكانًا مناسبًا، ونخصصه كمتحف ومكتبة إسلامية للقراءة والبحث ودراسة هذه المخطوطات والكتب والأثريات والوثائق والمستندات التاريخية التي نمتلكها.

حاليًا، هذا المتحف الصغير، في هذه الشقة، ندفع له إيجار مرتفع، وفي نهاية المطاف نحن نخسر لأنه ليس عندنا مكان كبير مناسب كي نقوم بتقسميه بما يتناسب مع أهداف هذا المشروع التراثي التوثيقي.

فمثلاً نحتاج لتخصيص صالة كبيرة للمتحف، وصالة أخرى كبيرة لترميم الكتب القديمة، وصالة ثالثة كبيرة للمطالعة والدراسة كي نتيح للباحثين الاطلاع على مقتنيات المتحف ودراستها بشكل مباشر.

ـ هل حاولتم التواصل مع مؤسسات عربية أو إسلامية لدعمكم في مشروعكم هذا؟

للأسف الشديد المؤسسات العربية هنا وكذلك الإسلامية تركز في المشروعات الخيرية والمساعدات الإنسانية وليس لديها اهتمام بالمشروعات الثقافية والتراثية. وحدث أن تواصلنا مع بعض المؤسسات العربية والتركية ولكن لم تسفر عن شىء حتى اليوم.

نتمنى أن تلتفت المؤسسات سواء العربية أو التركية إلى المشروعات التي تهدف لحماية التراث الإسلامية الألباني بمفرداته كلها من الضياع والاندثار.

ـ كلمة أخيرة؟

يؤسفني أن أقول حقيقة واقعية وهى أن التراث الإسلامي الألباني القديم “بات يتيمًا”.

https://www.facebook.com/hany.salah.754365/posts/pfbid02JAUZtxQD5jXqCdLWPKmVCb5GUmUVJrVTfKM1AdF1T1VQniJAfuuA8uczvHhF3Zgal

التخطي إلى شريط الأدوات