مسلمون حول العالم
نافذتك إلى أخبار الأقليات المسلمة

أقدم وأهم إمام بمدينة كرويا الألبانية: واجب الإمام تقديم مصلحة المصلين على مصلحته

حوار خاص مع الشيخ "محرم فرانا"، إمام مسجد مدينة فوش كرويا شمال العاصمة تيرانا

مسلمون حول العالم ـ خاص

هاني صلاح ـ كرويا ـ ألبانيا**

في حوار خاص مع موقع “مسلمون حول العالم”، قال الشيخ “محرم فرانا“، إمام مسجد مدينة فوش كرويا شمال العاصمة تيرانا، بأن واجب الإمام دائمًا “تقديم مصلحة المصلين على مصلحته الخاصة”.

وشدد الشيخ محرم، والذي يعد أقدم وأهم إمام في هذه المحافظة التاريخية، على ضرورة أن يكون الإمام قريب من أهل مسجده وأهل قريته ومدينته وأن يتودد إليهم ويجتهد على تعريفهم بدينهم وتقريبهم من مرضاة ربهم بكل حب ورحمة.

يأتي هذا الحوار ضمن ملف إعلامي بعنوان: “كيف تطورت الحياة الدينية في ألبانيا بعد الشيوعية؟”، وذلك من خلال معايشة الأئمة وأنشطتهم بمساجد محافظة كرويا شمال العاصمة تيرانا كنموذج لبقية المحافظات الألبانية.

وإلى الحوار..

ـ في بداية حوارنا.. نود نبذة مختصرة عنكم؟

ـ اسمي محرم فرانا، أعمل كإمام في مساجد مدينة وقرى “فوش كرويا” منذ أكثر من ثلاثين عامًا، منذ أن سقطت الشيوعية في جمهورية ألبانيا في بدايات التسعينيات من القرن الماضي، وعادت الحريات الدينية للبلاد وتم إعادة فتح وبناء المسجد من جديد.

ـ سمعنا بأن والدكم كان إمامًا وله دور مشهود في المنطقة.. فهلا حدثتنا عنه؟

ـ والدي الحاج “إسماعيل فرانا”، كان إمام كذلك في هذه المنطقة قبل وبعد حقبة الشيوعية في ألبانيا. ففي خلال حقبة الشيوعية الصعبة كان يصوم ويصلي سرًا، وكذلك يقوم بتعليم الأطفال سرًا في البيوت، ومن ثمار تعبه وجهده في أصعب مرحلة شهدتها ألبانيا في تاريخيا خلال القرون الأخيرة؛ أن أصبح أربعة من هؤلاء الأطفال الذين تعلمون منه خلال الحقبة الشيوعية أئمة في مساجد محافظة كرويا التي تم بنائها من جديد بعد انتهاء الحكم الشيوعي في البلاد والذي كان قد هدم غالبية مساجد البلاد.

وبعد عودة الحريات الدينية إلى ألبانيا؛ كان والدي أول إمام في منطقتنا، وعمل في مسجد قرية “تشرت”، ثم في مسجد قرية “آراميراس” لنحو 25 عامًا متصلة قبل أن يتوفاه الله تعالى. ومن فضل الله تعالى علي أن كنت مصاحبًا لوالدي ومشاركا معه حيث لم يكن غيرنا في هذه الآونة أحد يعلم الناس دينهم.

ـ بدأت مع والدك في تعريف الناس بدينهم قبل ثلاثة عقود بعد انتهاء الحقبة الشيوعية.. فكيف بدأتم، وكيف تطورت الدعوة الإسلامية في منطقتكم حتى اليوم؟

في بداية تحركنا الدعوي لم تكن هناك مساجد في المدينة والقرى المجاورة؛ فقد هدمت الشيوعية كل مساجدنا، ولم تكن هناك أي امكانيات متوفرة لدينا، كما لم يكن هناك من يصلي معنا سوى أنا ووالدي؛ فبدأنا بإقامة شعائر الصلوات الخمس جماعة في بيوتنا؛ ثم انتقلنا لمخازن توفرت لنا لاستخدامها كمساجد لآداء الصلوات الخمس بجانب الجمع والعيدين.

لاحقًا، وبالتدريج بدأت عمليات إعادة بناء المساجد في المدن والقرى، وبدأ الناس في التوافد عليها، وإرسال أبنائهم لتعلم مبادىء الإسلام كتعويض منهم عن حرمانهم من تعلمه خلال فترة الشيوعية. وتطورت الحياة الدينية تدريجيًا بشكل كبير، وانعكس ذلك في زيادة عدد المساجد في منطقتنا، بالتوازي مع زيادة أعداد المصلين فيها.

حاليًا، وبعد ثلاثة عقود من العمل الدوؤب والمستمر أضحى يصلي الجمعة في مسجدنا نحو 200 مصل، بينما صلاة عيد الفطر الأخيرة اجتمعنا مع كافة المساجد في صلاة مشتركة في استاد المدينة الرياضي والتي حضرها حوالي 5 آلاف مصل.

وخلال هذه الفترة كذلك تعلم في مسجدنا هذا نحو 130 طفل وطفلة مبادىء الإسلام والطريقة الصحيحة للتلاوة القرآنية، وكثيرون منهم حفظوا ثلاث أجزاء من القرآن الكريم، كما درسوا السيرة النبوية والتاريخ الإسلامي وتعلموا الفقه الإسلامي وغيرها من العلوم الدينية، وبعضهم أصبح أئمة في مساجد القرى المجاورة في المنطقة وأيضًا خارج البلاد.

من ناحية شعيرة الحج؛ فمسجدنا هذا مشهور بإرسال عدد لا بأس من الحجاج في كل عام ما بين 13-15 حاجا، ولم يقل عددهم في أي عام عن 4-5 حجاج.

كما أن لمسجدنا هذا دور خيري نشط في منطقتنا؛ فنحن نكفل حوالي 80 عائلة من عائلات الأيتام، بالإضافة لمساعدات غذائية نقوم بتوزيعها على العائلات الفقيرة والمحتاجة. وفي شهر رمضان ننظم إفطارات يومية في منطقتنا لحوالي 300-400 صائم خلال شهر الصوم.

والحمدلله غايتنا هى مرضاة الله تعالى، وسعداء بتوفيقه لنا حيث رأينا نتائج كبيرة وثمرات عظيمة في هذا المسجد من هذه الجهود. وقد تخرج من هذا المسجد ثلاثة أئمة يعلمون في مساجد أخرى سواء في ألبانيا أو خارجها في دول أوروبية.

بينما عن الأنشطة التعليمية الدورية في مسجدنا فلدينا بجانب شعائر الصلوات الخمس، والدرس الأسبوعي قبيل صلاة الجمعة ثم خطبة الجمعة، درس أسبوع آخر لأهل المنطقة نعقده يوم السبت الذي يوافق العطلة الأسبوعية لهم. وهذه الدروس العامة بجانب كورسات خاصة للأطفال لتعلم مبادىء الإسلام واللغة العربية وتلاوة القرآن.

كافة أنشطتنا التي قمنا بها منذ اكثر من ثلاثة عقود كانت ابتغاء وجه الله، وكان نؤديها بكل حب ورحمة وحرص على تقريب الناس من دينهم وأن نساعدهم كي ينالوا مرضاة الله تعالى.

ـ ما هى نصيحتكم للأئمة في كل مكان؟

وفي لقاءاتنا مع أئمة المساجد في منطقتنا بهدف مدارسة أحوالها وأحوال المساجد كنا نرفع شعار: “الإمام يتواجد حيث مصلحة الناس، ويقدم ما يحب الناس على ما يحبه هو طالما كان خيرًا ويرضي الله تعالى”. فينبغي على الامام أن يكون في خدمة الناس داخل وخارج المسجد، وأن يكون قريبًا منهم ومحب لهم وناصحًا أمينا.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

** شكر وتقدير لفضيلة الشيخ “إرمير جانا” مفتي محافظة كرويا شمال العاصمة الألبانية تيرانا، على دعوتنا لزيارة مساجد وأئمة مدن وقرى محافظة كرويا والتعرف على واقع الدور والأنشطة التي يقوم بها الأئمة.

ـ ملاحظة: ننشر لاحقًا تقارير الزيارات الميدانية للمدن والقرى التي تمت زيارتها ضمن سلسلة تقارير تنشر تدريجيًا.

التخطي إلى شريط الأدوات